Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ منير فرج الله"الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ." (فيلبي 6:2-8)


مجيء المسيح إلى الأرض إنسانًا وهو في صورة الله، معادلاً له، أربك الكثيرين من معاصريه والمتأخرين إلى هذا اليوم. كانوا يرونه إنسانًا مثلهم يعيش حياتهم ويسلك سلوكهم. إلا أن أقواله وأعماله الخارقة التي تكشف عن طبيعته الإلهية كانت تحيّرهم وتربكهم وتدفعهم إلى إنسانيته ينحصرون فيها ويكتفون بها. وكثيرًا ما كان يسوع يقودهم ويعيدهم بالقول أو الفعل إلى صورته وطبيعته الأصلية.
وأظن أن أكثر من عانوا من ذلك هما مريم العذراء أمه ويوسف النجار. كانا يعلمان جيدًا أنه ابن الله وأنه المسيا الموعود به من الله لخلاص العالم، وأنه عمانوئيل "الله معنا". وُلد طفلاً مثل كل الأطفال وقاما برعايته وتنشئته بشكل طبيعي. لكنهما كانا يحتاران في طريقة التعامل معه وهو ابنهما وابن الله! ومن أجمل الترانيم المتداولة والتي تعبّر عن تلك الحيرة ما ردده المؤلف في مقطع: هل علمتِ يا مريم؟ وما وضعه على لسان يوسف. كلمات رائعة وألحان جميلة. تأملوا معي في بعض كلماتها:
Mary did you know that your baby boy
Is heaven’s perfect lamb?
This sleeping child you’re holding
Is the Great I AM?
ثم في كلمات يوسف النجار:
Father show me where I fit into this plan of yours
How can a man be father of the Son of God
Lord for all my life, I’ve been a simple carpenter
How can I raise a king, how can I raise a king?

********
في الأصحاح الأول من إنجيل لوقا نتعرف على الفتاة الصغيرة مريم بإيمانها الساذج الصافي وهي تردّد بعفوية محبّبة استجابة إلى بشارة الملاك الغريبة بالقول:
هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك؟
لكنها بعد ذلك وهي تقوم بتربية ابنها وعندما أصبح في الثانية عشرة من عمره، صعدوا إلى أورشليم في عيد الفصح، وبعد أن انتهت زيارتهم للهيكل قفلوا راجعين إلى الناصرة، وتصوّرت مريم ويوسف أن يسوع عائد معهما وسط الأصدقاء. ولما لم يجداه رجعا إلى أورشليم يبحثان عنه، وبعد ثلاثة أيام عثرا عليه في الهيكل وسط المعلمين يتحاجج معهم. وكأي أم اختفى ابنها عنها لمدة ثلاثة أيام عاتبته وربما نهرته وهي تقول:
يا بنيّ، لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذّبَين!
في خوفها وقلقها وغضبها نسيت من هو ابنها هذا. لم تره إلا ابن يوسف وأنه يحتاج إلى تقويم فلا يتصرف على هواه بل يظل في رفقة الأقارب والأصحاب. اعترض يسوع على الصورة التي حصرته فيها. رفض وهو يقول مذكرًا ومنبهًا:
لماذا كنتما تطلبانني؟ ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟
ولعل مريم حوّلت نظرها إلى يوسف الذي جعلته أباه. ولا بد أنهما أفاقا على الحقيقة وتذكّرا أن يسوع هو ابن الله كما أعلن الملاك الذي بشّر بمولده. بعد ذلك نزل معهما وجاء إلى الناصرة وكان خاضعًا لهما. ويؤكد لوقا البشير أن مريم في حيرتها كانت تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها.

********
كان عرس في قانا الجليل وكانت مريم ويسوع وتلاميذه ضمن المدعوين. وفي أثناء ضجيج الاحتفال والطعام والشراب والغناء والمرح فرغت الخمر، وهذا أمر يسيء إلى أصحاب العرس. وأُبلغت مريم بذلك فبحثت عن ابنها ليتدخل ويحلّ المشكلة. رفعت وجهها نحوه وقالت:
ليس لهم خمر.
رغم أنه لم يجرِ أية معجزة قبل ذلك، لكنها كانت تؤمن بأن لديه قدرات خاصة. تنازعته رغبتان أن يرضي أمه التي يكنّ لها كل الحبّ والتقدير والاحترام، وأن يطيع أباه السماوي الذي وهبه هذه القدرة لتمجيد اسمه. قال:
ما لي ولكِ يا امرأة؟ لم تأتِ ساعتي بعد.
المشكلة كانت في التوقيت، فهو خاضع لمشيئة الآب فقط. لكن مريم بدالة كبيرة وتباهٍ بابنها، طلبت من الخدام أن يطيعوه في كل ما يُطلب. وفي هدوء تمّ تحويل ستة أجران ماء إلى خمر ولعلّ ذلك كان أكثر مما يحتاجون إليه.

********
كانت مريم، كلما استطاعت، ترافق ابنها في جولاته في القرى والضياع والمدن التي كان يعلّم ويجري فيها المعجزات. ويصوّرها لنا يوحنا وهي تقف عند الصليب وسط باقي المريمات، مريم أختها زوجة كلوبا ومريم المجدلية. صعب جدًا على أي أم أن تشاهد ابنها وهو يموت! وابنها يسوع هذا الذي كان ملء السمع والبصر وهو يتكلّم ويعلّم والجموع تتبعه حيثما يذهب، وهو يشفي كل مرض في الشعب ويقيم الموتى، ويأمر الموج فيهدأ، والعاصفة فتسكت، تراه الآن معلّقًا على خشبة وجسده ممزّقًا بالجروح من ضرب السياط، كيف احتملت ذلك كله؟! كانت محنية الرأس تبكي. لم تكن تصرخ أو تلطم وجهها. كانت مستسلمة مغمضة العينين، والدموع تتساقط بغزارة دون توقّف وتتجمّع تحت قدميها، وكلمات سمعان الشيخ تصرخ داخلها:
وأنتِ أيضًا يجوز في نفسك سيف.
رفع يسوع رأسه المثقل بإكليل الشوك، ومن بين قطرات الدم التي تسيل من جبهته رأى أمه ويوحنا التلميذ الذي كان يحبّه يمسك بيدها. اختلج قلبه بما بقي فيه من نبض وبصوت واهن قال:
يا امرأة، هوذا ابنكِ.
وسمعته ورفعت وجهها إليه ثم قال ليوحنا:
هوذا أمك.
وجذبها يوحنا نحوه. رأى يسوع ذلك فاستراحت ملامح وجهه، وبعد قليل قال:
قد أُكمل.
ونكّس رأسه وأسلم الروح.

المجموعة: شباط (فبراير) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

587 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577733