Voice of Preaching the Gospel

vopg

القس يعقوب عماريميلاد المسيح حدث عجيب مثير للدهشة! والعجب الذي أعنيه هنا ليس الولادة العذراوية، مع أن ذلك فيه من العجب ما يذهل العقول. إنما ما أقصده هو عجب التجسّد! وكيف أن الله الحي القيوم القدوس المتعالي في القدرة والجلال، كيف ارتضى أن يظهر بين الناس بهيئة إنسان، فكان هو المسيح.

يتحدث إنجيل يوحنا في مطلع الأصحاح الأول منه عن أزلية المسيح ويسمّي المسيح هناك اسمًا جديدًا ما اعتدنا عليه من قبل، فأشار إلى المسيح بأنه هو كلمة الله، ثم ليؤكد حقيقة التجسد، يقول عن المسيح كلمة الله: والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا ورأينا مجده."
ونحن اليوم عندما نحتفل بميلاد المسيح إنما نحتفل بابتهاج لأن الله افتقدنا بزيارة ملكية فاقت مجدًا، وبهذا فالميلاد يعني تجسد الله!
ويؤكد الرسول بولس في رسالته الأولى إلى تيموثاوس بقوله: "وبالإجْماع عظيمٌ هو سرّ التّقْوى: الله ظهر في الْجسد، تبرّر في الرّوح، تراءى لملائكةٍ، كرز به بيْن الأمم، أومن به في الْعالم، رفع في الْمجْد."
وأقول لمن قد يعترض على مبدأ التجسد إن الجواب الحسم قد تبرزه الإجابة عن السؤال التالي:
هل يستطيع الله أن يقوم بعملية التجسد؟ أو هل في قدرة الله – لو شاء – أن يظهر للناس بهيئة إنسان ويكلم الناس من وراء حجاب جسد من دم ولحم؟ أم إنه محظور على الله أن يقوم بأمر لا تستوعبه عقول البشر؟
بكلمات أخرى: هل قدرة عقل الإنسان على الاستيعاب تَحُدّ من صلاحية الله في صنع ما يريد؟
أذكر أنه كان لي علاقة طيبة مع شيخ جليل محترم كان رجل تقوى وعلى درجة متقدمة من الوعي بين أفراد جيله، وكان الرجل في الثمانينات من عمره، فكنت أزوره بين الحين والآخر وأتدارس وإياه فيما يطرحه الحديث في أمور الدين والدنيا، وكان لدى صاحبي نسخة من الكتاب المقدس يمارس القراءة فيها ونتحاور معًا فيما يدور من حديث، وفي ختام كل زيارة أقف معه للصلاة ثم أودّعه ونفترق إلى حين.
وأذكر أنه حين نجح الأمريكان في الوصول إلى سطح القمر وقد شاهد الناس في أرجاء المعمورة صور الحدث على شاشات التلفاز، أصبحت حقيقة ملامسة الإنسان لسطح القمر والوصول إليه أمرًا لا جدال حوله. إلا أن شيخنا الفاضل كان يصر في كل مرة يفتح فيها الحديث على أن عملية الهبوط على سطح القمر ما هي إلا خدعة تصويرية، وأنه لا يمكن أن يسمح الله بذلك، ولا قدرة للإنسان في أن يتجاوز أجواء الكرة الأرضية التي منها خلق وعليها يعيش ويموت وفيها يدفن. وبقي الرجل على موقفه يدافع عنه كلما أثير أمامه هذا البحث، وبعد أكثر من عشر سنوات مات الرجل دون أن يتغيّر له رأي. وبقي إصراره على رأيه كمن يحمل وثيقة إثبات خطأ ما يدّعيه الغير.
وأنا أتساءل هنا: هل قناعات شيخنا الجليل ألغت شيئًا من الحقيقة؟
ثم من جهة أخرى، فقد أعجز أنا عن إقناع صديقي بحقيقة أومن بها وهي مؤكدة لي وبرهانها عندي أوضح من نور الشمس، ومع ذلك فعجزي في الإقناع أو تقصيري في إيضاح ما أريد الوصول إليه لا يلغي الحقيقة، ولا يغير فيها شيئًا سواء قبلها زيد أو رفضها عمرو.
وفي يوم الدين، هناك مفاجآت لم تخطر على بال الكثيرين من البشر.
فهناك ستبرز أمام كل شعوب الأرض من كل المعتقدات الدينية حقائق لم تكن في الحسبان.
والمفاجآت ستكون مؤلمة للبعض لأنها على غير ما كانوا يتوقّعون، لكنها مفرحة للبعض الآخر لأنهم اطمأنوا إلى وعد الله في إنجيله وجاء اليوم لتنفيذ وعد الله.
وقد وصف المسيح تلك الصورة بقوله في إنجيل متى أصحاح 24 "وللْوقْت بعْد ضيق تلْك الأيّام تظْلم الشّمْس، والْقمر لا يعْطي ضوْءه، والنّجوم تسْقط من السّماء، وقوّات السّماوات تتزعْزع. وحينئذٍ تظْهر علامة ابْن الإنْسان في السّماء."
(وابن الإنسان، قارئي العزيز، هو المسيح، وهذه التسمية نطق بها هو عن نفسه في مرات متعددة) أما عما هي "علامة ابن الإنسان" فهذه أتركها للقارئ الكريم ليتفكر بها ويحاول أن يجيب عنها لنفسه... يقول: "حينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء، وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض، ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت، فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح، من أقصاء السماوات إلى أقصائها."
هذا مشهد فعلاً مرعب للبعض، لكنه مفرح للبعض الآخر وهو حقًا مشهد مهيب... ويومها تسقط كل الأقنعة التي استخدمها البشر على اختلاف مشاربهم، وتبقى الحقيقة وحدها بلا زيف. وفي مشهد آخر من يوم الدين يصفه سفر الرؤيا في الأصحاح السادس يقول فيه: "وإذا زلْزلةٌ عظيمةٌ حدثتْ، والشّمْس صارتْ سوْداء كمسْحٍ منْ شعْرٍ، والْقمر صار كالدّم، ونجوم السّماء سقطتْ إلى الأرْض كما تطْرح شجرة التّين سقاطها إذا هزّتْها ريحٌ عظيمةٌ. والسّماء انْفلقتْ كدرْجٍ ملْتفّ، وكلّ جبل وجزيرةٍ تزحْزحا منْ موْضعهما."
ثم يقول: "وملوك الأرْض والْعظماء والأغْنياء والأمراء والأقْوياء وكلّ عبْدٍ وكلّ حرّ، أخْفوْا أنْفسهمْ في الْمغاير وفي صخور الْجبال، وهمْ يقولون للْجبال والصّخور: "اسْقطي عليْنا وأخْفينا عنْ وجْه الْجالس على الْعرْش وعنْ غضب الْخروف، لأنّه قدْ جاء يوْم غضبه الْعظيم. ومنْ يسْتطيع الْوقوف؟"
قارئي الكريم،
هذه حقائق نقرأ عنها بين الحين والآخر، أو نسمعها من الغير... وينساها البعض ويتناساها البعض الآخر... ويشكك في مصداقيتها فريق ثالث وغيرهم يسخر منها وينكرها... وفي يوم الدين ستحدث المفاجأة. وسيعلم الذين لا يعلمون اليوم، بأن كل حرف ورد في إنجيل الحق كان صادقًا.
توقفت طويلاً اليوم عند قول الإنجيل: "وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض." وتساءلت مع نفسي: لماذا ينوحون؟
ينوحون لهول المفاجأة، ولأن الحقائق تكشفت أمامهم على غير ما كانوا يتوقعون. لقد بنوا معتقداتهم في دنياهم على غير ما تكشفت لهم الأمور في ذلك اليوم الرهيب فحزنوا وناحوا ندمًا حين فاتت فرصة الندم، ولم يبق لهم سوى النوح على فوات فرصة قرأوا عنها وأهملوها، وبعضهم سخر منها ورفضها. وجاءت ساعة المكاشفة وإذا بالأمور على غير ما توهّموا فناحوا.
أيها الأصدقاء الأحباء، من أجمل ما نادى به المسيح داعيًا الناس لتصحيح المسار، قال:
"أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة."
وقال: "تعالوْا إليّ يا جميع الْمتْعبين والثّقيلي الأحْمال، وأنا أريحكمْ. احْملوا نيري عليْكمْ وتعلّموا منّي، لأنّي وديعٌ ومتواضع الْقلْب، فتجدوا راحةً لنفوسكمْ. لأنّ نيري هيّنٌ وحمْلي خفيفٌ."
أتمنى اليوم أن تكون هذه الكلمات سبب توبة ورجوع إلى الله لينعم التائب برفقة المسيح مع حياة أبدية يضمنها المسيح مختوم عهدها بدمه الكريم. (عدد ١٢-١٣)

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

658 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11578050