Voice of Preaching the Gospel

vopg

الدكتور صموئيل عبد الشهيد«لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي. فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ.

أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا، وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ.» (إنجيل يوحنا 1:14-4)

مقدِّمة
إن هذه الآيات مقتبسة من حديث مطوّل بل حوارٍ حميم دار بين المسيح وتلاميذه في الليلة التي أُسلم فيها. ففي الأصحاح الثالث عشر أعلن الرب يسوع بصريح العبارة أنه عمّا قليل سيمضي، بل سيختفي من وسطهم ويذهب إلى مكان يتعذّر عليهم أن يأتوا إليه. ولا ريب أن مثل هذا النبأ المفاجئ قد أثار الاضطراب والحيرة في قلوب هؤلاء التلاميذ. فمنذ نحو ثلاث سنوات ونصف كانوا في عهدة هذا المعلّم، وألِفوا الاستماع إلى محاضراته، ومواعظه، وإرشاداته، وها هم الآن سيجدون أنفسهم كقطيع غنمٍ بلا راعٍ في قفرٍ بلقعٍ لا يدرون إلى أين يلجؤون ولا بمن يسترشدون. ولقد أدرك المسيح ما اعتراهم من اضطراب ورهبة، فاستهلّ كلامه في الأصحاح الرابع عشر بعبارة "لا تضطرب قلوبكم"، وهي عبارة تبعث في ذاتها على الطمأنينة والسلام لأنها كانت مترسّخة على صخرة الإيمان الحق، وهو الإيمان بالله وبالمسيح. ولم يتوقّف في حديثه عند هذا الحدّ، بل أردفه بوعدٍ مفعمٍ بالعزاء والتشجيع، وهو وعدٌ عبّر عنه بلغة مجردة من كل غموضٍ "في بيت أبي منازل كثيرة أو حرفيًّا مساكن أو غرفًا، أو قد تكون شققًا، وهي كما يبدو منازل مُعدّة منذ الأزل على نقيض ما يعتقد البعض أن المسيح قد قضى ما يزيد عن ألفي سنة في إعدادها. إنها ليست منازل مخلوقة ولكنها أزلية، لأنها لو لم تكن معدّة مسبقًا لما قال لهم: "في بيت أبي منازل كثيرة." هي جاهزة مهيّأة لأحبائه، لأن هذه المنازل هي ذات مقرِّ الخلود. ثم استطرد قائلاً: "حتى لو لم تكن متوافرة الآن "فإني كنت قد قلت لكم: أنا أمضي لأعدّ لكم مكانًا." لكن هي موجودة حقًا، وقد اتخذت في العهد الجديد بصورة خاصة اسم ملكوت الله.
أولاً، كانت هذه المنازل في بيت الله أي في ملكوته، لا يدخلها أحدٌ إلا الآب والابن والروح القدس، حتى الملائكة الأبرار قد حُرموا منها. ولدينا على ذلك أدلة أو رموز:
عندما طلب الرب من موسى أن يقيم خيمة الاجتماع قدّس فيها ما يُدعى "قدس الأقداس" الذي كان الدخول إليه محرّمًا على جميع الشعب باستثناء رئيس الكهنة الذي أذن الله له أن يدخل إليه مرة واحدة في السنة للتكفير عن نفسه وعن الشعب بعد القيام ببعض الفرائض المتوجبة، وذلك وفقًا للمثال الذي أراه الله لموسى بعد أن طلب منه إقامة خيمة الاجتماع. وعندما بنى الملك سليمان هيكله اتّبع نفس التخطيط والتصميم العام لخيمة الاجتماع ولا سيما قدس الأقداس.
وليس ذلك فقط، وحسب الترتيب الإلهي أُسدل حجاب ليكون فاصلاً بين القُدس وقدس الأقداس طيلة أيام السنة إلى أن يحين موعد المناسبة التي يدخل فيها رئيس الكهنة ليقدم الكفارة من غير أن يشهد أحد من الشعب أو حتى الكهنة الآخرون ما يجري وراءه. وظلّ هذا الحجاب مُسدلاً إلى يوم صلب المسيح، ولكن عندما قرّب المسيح نفسه مرة واحدة على الصليب من أجل خطايا الشعب، وكفّر عن ذنوبهم أضحى الذبيحة العظمى التي تحققت فيه كل الرموز، وأعرب هذا الموقف عن:
عهد الله الجديد مع الإنسان الذي يؤمن بكفارته العظمى.
أصبح قدس الأقداس مشرّعًا أمام كل تائب، وأصبح في إمكانه عند انتقاله إلى الأبدية أن ينزل في مساكن العلي المعدّة في ملكوت الله.
انشقّ الحجاب إلى الأبد وأصبح في وسع المؤمنين المقدسين بالدم المسفوك أن يشهدوا ما يجري في قدس الأقداس، أي إن ملكوت الله أصبح مفتوحًا أمام المؤمنين قاطبة بفضل فداء المسيح وطاعته، ومحبة الآب القدوس الذي بذل ابنه الوحيد لخلاص البشرية، وبفعل التوبة الصادقة، والإيمان بغفران الخطايا لأن جميع المؤمنين قد أصبحوا بالتبنّي أبناء الله الذين غلبوا بدم الفادي الخطيئة، والموت وإبليس.
ومن حيث أن المسيح يحيا الآن فينا حسب الوحي الإلهي، كما أشار إليه بولس الرسول "مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ؛" أي أننا قد تقدّسنا في المسيح، وارتدينا برّه، أضحى في إمكاننا أن ندخل معه قدس الأقداس الأبدي، إذ أصبح المسيح هو رئيس كهنتنا على رتبة ملكي صادق وليس على رتبة هارون أوّل رئيس كهنة أقامه الله، فالمسيح الأزليّ البدء، والأبدي الوجود، والقائد المظفّر قد أبطل بفدائه وقيامته الموت، ومزّق الحجاب الفاصل، وأصبح قدس الأقداس الإلهي مقرّ عرشه ورئاسته فلم يعد هناك أيّ حاجز بينه وبيننا للمثول الدائم في حضرة جلاله وعظمته وسلطانه.
ثانيًا، إذ نحتلّ المنازل المعينة والمهيّأة لاستقبال المفديين، سنرى أسماء كل واحدٍ منا مكتوبة على العتبة العليا لكل المنازل الأزليَّة، أفرادًا، وأسرًا وأقرباء ممّن وُسموا بسمة المسيح على الأرض وعاشوا حياة القداسة كما أوصى بها الفادي، وحملوا الصليب كل يوم في قلوبهم وعقولهم وحياتهم عربون ولاء، وإخلاص وإيمان لمن افتداهم وحررهم من ربقة عبودية إبليس، لأن المؤمنين المقدسين قد كُتبت أسماؤهم في سفر الحياة وهم في منجاة من الدينونة الرهيبة لأنه لا دينونة على الذين هم في المسيح يسوع.
يا قارئي، هل اسمك واسم عائلتك مكتوبًا على المنزل الأزلي المعدّ لك في ملكوت الله؟

المجموعة: حزيران (يونيو) 2019

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

179 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10627534