هل نرغب في طاعة الرب يسوع في الخدمة؟
كيف نخدم بطريقة صحيحة؟
تعال معي لنقرأ إنجيل لوقا 17:5-26 لنتعرّف على المبادئ الأساسية:
1. محور الخدمة هو الرب يسوع المسيح وكلمته
فهو الذي قال عدة مرات: "تعالوا إليّ..."، "من يُقبل إليّ..."، وهو نفسه قد قال قديمًا: "ارجع إليّ..."، "التفتوا إليّ..."، "انصتوا إليّ..." إذًا فمهمتنا هي أن نجعل الخطاة يتقابلون مع المُخلّص الوحيد يسوع المسيح. فهو المتكلم لقلوب الناس وضمائرهم، وصوت ابن الله الحي هو الذي يُحيي الأموات، ولكن لئلا يظن أحد قائلًا: "الوضع اختلف الآن لأن يسوع ليس معنا في الجسد" وإن كان هذا صحيحًا، يجب ألّا ننسى بأنه ساكن فينا بروحه القدوس. فوعد الرب صادق: "ها أنا معكم كل الأيام" والذي يخدم متكلمًا بكلمة الله فهو يتكلم بسلطان المسيح المتكلم فيه (2كورنثوس 3:13).
2. المحبة لخلاص الخطاة وليس لمحبة الأموال
عندما جاء الرجال الأربعة بالمفلوج إلى يسوع، كان دافعهم نابعًا من المحبّة لذلك الإنسان المُهمل من الناس؛ فبدون المحبّة لا نفع لأي خدمة مهما بدت عظيمة. وما أبعد الفرق بين أولئك الأتقياء، الذين حملوا الخاطئ المسكين المحتاج للشفاء والغفران ووضعوه قدام يسوع، وبين أولئك الذين كانوا يضعون المشلول أمام باب الجميل (أعمال 3) من أجل المنفعة المادية!
3. الخدمة الجماعية تعني حمل أثقال الآخرين بكل تواضع
هذا ما يسميه الكتاب بتعب المحبّة، إذ حمل أولئك الرجال الأربعة المفلوج مع سريره إلى البيت الذي دخله يسوع. والملاحظ عند التأمل بالنص الكتابي، أنّ كثيرين جاءوا إلى يسوع من نفس المدينة، لكنهم لم يفكروا في المفلوج. وكفرناحوم هي مدينة وُصفت بالكبرياء وعدم التوبة (متى 23:11)، فالكبرياء واحتقار الخطاة لا يجدي نفعًا في أي خدمة. كما أن أولئك الرجال لم يستنكفوا عن أن يكونوا "حمّالين..." لأن المحبة مرتبطة بالتواضع. ما أجمل محبة ربنا يسوع وتواضعه، الذي كان "... يقبل خطاة ويأكل معهم." (لوقا 2:15) فلنتبع خطواته.
4. الرؤية الواحدة والهدف الواحد
الرؤية هي خلاص النفوس. هذه هي المأمورية العظمى (متى 18:28-20)، والهدف هو أن نأتي بالخطاة إلى يسوع. والقصد الواحد يأتي من الفكر الواحد، فكر التواضع، أي أن يكون لنا فكر المسيح (فيلبي 2). ولكيلا نخطئ الهدف يجب أن يكون لنا هذه الوحدانية:
المحبّة الواحدة، محبة المسيح التي انسكبت في قلوبنا بالروح القدس، التي تعمل للمؤازرة لكي لا تحدث انشقاقات في الخدمة.
النفس الواحدة، أي، إننا جميعًا أعضاء في جسد واحد، نُكمّل بعضنا البعض. فلنعمل بنشاط من أجل بنيان الخدمة وليس هدمها.
الطريق الواحد، لأنه لا يوجد طريق إلا يسوع وحده (أعمال 12:4؛ يوحنا 6:14)
5. اليد الواحدة والرغبة للعمل بمثابرة
فجميعهم حملوا المفلوج وطلبوا أن يدخلوه إلى البيت، لكنهم صعدوا به إلى السطح ونقبوه، ودلّوا المفلوج أمام يسوع. فالخدمة الجماعية هي كمجموعة البنائين ينطبق عليهم ما جاء في سفر نحميا: "وكان للشعب قلب في العمل." أي، إنّ الخدمة الجماعية تعني التكاتف والتعاضد. لنلاحظ الأفعال: "يحملون، يطلبون، يدخلوا به، يضعوه، صعدوا، دلّوه..." فليس العمل لشخص واحد بل عمل الجميع معًا بروح واحدة وقلب واحد.
6. الإيمان القلبي بأنّ يسوع هو القادر على كل شيء
فبدون إيمان لا يمكن أن نرضي الله (عبرانيين 6:11). والإيمان الفعّال هو الذي يؤمن أن "يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد." (عبرانيين 8:13) فكل خدمة بدون إيمان تعني عدم القناعة بما نفعله!
7. القدرة على تخطّي الإعاقات والعقبات
كانت الإعاقات كثيرة لمنع وصول ذلك الخاطئ للقاء يسوع. لكنها لا تعني الفشل بل تخطيها والعمل على إيجاد الحلّ، وهو إصعاد المفلوج وإنزاله من السقف...
يجب أن نؤمن بأن كلمة الله لا تقيّد، وكل الإعاقات التي تقف ضد تعرّف الخطاة بالمسيح يجب أن تزال. فالخدمة الجماعية، لا تتعطّل بسبب المعوّقات بل تجد التدابير في الحالات الطارئة؛ وجميل جدًا أنّ البشير لوقا يركز في موضوع خلاص الخطاة على تخطي العقبات المتنوعة. تأمل في المرأة التي دخلت بيت سمعان الفريسي، وجابي الضرائب في الهيكل، والابن الضال، وزكا العشار، واللص التائب. كل هؤلاء تخطوا العقبات.
إنكار النفس
لا يذكر الكتاب المقدس أسماء أولئك الرجال، وفي ذلك قصد إلهي ورسالة لنا، وهي إنكار النفس، لكي تتوجّه الأنظار نحو يسوع وحده. فالخدمة الحقيقية هي إظهار مجد الله (لوقا 25:5) وليس مجد الناس.
هدوء اللسان
لا يذكر الكتاب المقدس ما دار من حديث بين أولئك الرجال طوال مدة خدمتهم - ليس لأنهم لم يتكلموا معًا - بل ليكون بذلك درس لنا: فكثير من الخدمات الجماعية تفشل بسبب الدمدمة والمجادلة بين أعضاء الفريق الواحد، لذلك يقول الكتاب: "افعلوا كل شيء بلا دمدمة أو مجادلة." (فيلبي 14:2) بالإضافة إلى ذلك فهم لم يتماحكوا مع رجال الدين المشككين بقدرة يسوع على الشفاء، ولم يتجادلوا مع معلمي الناموس حول سلطان يسوع على الغفران، وكأنهم تعلموا مُسبقًا ما كُتِبَ لاحقًا "والمباحثات الغبية والسخيفة اجتنبها." (2تيموثاوس 23:2) يا لها من نصيحة نافعة للخادم كفرد، ولفريق الخدمة أيضًا!
استثمار الوقت: "مفتدين الوقت"
عندما رأوا الصعوبات أمامهم لم يقولوا للمفلوج: "لماذا نستعجل بك؟ لننتظر خروج الرب يسوع من البيت، أو سنذهب بك إلى الرب يسوع في يوم آخر. هؤلاء الأبطال كانوا يؤمنون بالوحي المقدس: "هوذا الآن وقت مقبول، هوذا الآن يوم خلاص."
أخيرًا، أريد أن أشاركك، بهذه القصة لكي أجسّد لك معنى الخدمة الجماعية:
دُعي أحد الشباب، لحضور اجتماعات تبشيرية في موسم الميلاد. وعندما دخل قاعة الاجتماع، بدأ روح الرب يتعامل معه من خلال فترة الترانيم، فكانت دموع التوبة والفرح تمتزج معًا. بعدها قدّم راعي الكنيسة وعظة خلاصية ثم فتح الرب قلب ذلك الخاطئ، وقبِلَ خلاص المسيح. وبعد الاجتماع، تعرّف على إخوة أفاضل رأى فيهم محبة حقيقية، ثم سأله أحدهم: هل أنت مولود ولادة ثانية من الله؟ هل أنت متأكد 100% من دخول السماء؟ وشرح له ذلك الأخ بالتفصيل ما تعنيه تلك الأسئلة، وبعد أيام تلقى الشاب هدية من خدمة اسمها "يسوع هو العيد" وكانت عبارة عن كتاب العهد الجديد، وكاسيت صوتي مأخوذ من فيلم يسوع بحسب البشير لوقا، وكتاب "نجار وأعظم" واستخدم الرب هذه الهدية في ترسيخ إيمان ذلك المؤمن الجديد. ثم تعرّف على حارس مبنى الكنيسة، الذي كان متقدّمًا في الإيمان، فبدأ معه يتعمّق في دراسة الكتاب المقدس بصورة متعمّقة للنموّ الروحي.
لاحظ معي عدد الأشخاص والأشياء التي استخدمها الرب من أجل خلاص نفس واحدة، ونموّها الروحي. هذا هو العمل الجماعي.
g