Voice of Preaching the Gospel

vopg

القس بسام بنورةتتزايد المشاكل والمآسي والشرور في كل دولة من دول العالم بدون استثناء.

فحيثما حل الناس واستوطنوا حلت المشاكل وانتشرت الشرور كالقتل، والحروب، والزنا، والاغتصاب، والكذب، والتجديف، واللعنات، والنفاق، والرشوة، ومحبة المال، والشهوات الرديّة، والكراهية، والأحقاد، والتعصب، والطلاق، والخيانة، والإدمان، والغش، والحسد، والنميمة، والكبرياء، وكل أشكال النجاسة. هذه مجرد قائمة قصيرة جدًّا ببعض الشرور المنتشرة بين النّاس... والشّيطان وأتباعه خلّاقون في ابتكار وممارسة أشكال جديدة من الخطيّة والشّر كل يوم.
ويحاول النّاس الحصول على جوابٍ شافٍ لسبب هذا الطوفان من الشّر، ويقدّم لنا المفكرون والمثقّفون والعلماء خليطًا من الإجابات والاقتراحات من أجل حلّ مشاكل البشرية.
يقول علماء الطّبيعة والفيزياء بأنهم يستطيعون أن يساعدوا في حلّ مشاكل العالم باختراع الأجهزة المتطوّرة ذات السرعة الهائلة والطاقة المذهلة مما يخفّف من متاعب العالم. لكنهم اخترعوا أيضًا أجهزة تفجير الذرة، والقنابل العنقودية، والنووية، والهيدروجينية الكفيلة بتدمير الكرة الأرضية عدة مرات. كذلك أوجد العلماء أجهزة الكمبيوتر والإنترنت، والتي رغم فوائدها الكثيرة، فإنها أصبحت وسيلة لنشر الشر والقذارة بلا حدود.
يقول رجال التربية والتعليم إن مشكلة الإنسان هي الجهل والتخلّف وقلّة المعرفة. ولكن هل ساعد العلم والتربية في القضاء على الفساد والجريمة؟ وهل فرغت السجون من المجرمين والمنحرفين بسبب التربية التي تدَّعي أنها العلاج للعالم؟
ويدَّعي علماء الاجتماع أن الإنسان بحاجة إلى أن يعيش في جوٍّ صحيٍّ وبيئة مناسبة. ولكن هل جمال الطبيعة والمناطق الخضراء والجبال والسهول الفسيحة تمنع الإنسان من السقوط في شباك الخطيَّة؟ أو حتى من السقوط في الاكتئاب والوحدة والحسرة والألم؟
يقول رجال السّياسة والاقتصاد بأن الإنسان بحاجة إلى الشعور بالأمان الاقتصادي والمادي والمالي، وبأن القضاء على البطالة والفقر والجوع وتوفير فرص العمل للجميع سيجلب السّعادة والرّخاء والسلام. ولكن الاستقرار المالي بذاته يقود غالبية النّاس إلى الخطيَّة والنجاسة. فعلى الرغم من جهود الإنسان المستمرة من أجل رفع مستوى معيشته، فإن الجنس البشري ما يزال يسقط أكثر وأكثر في الرذيلة والفساد.
تقدم لنا مدارس الفلسفة المختلفة، والدّيانات والعقائد الكثيرة في العالم، كمًّا هائلًا ومتناقضًا من الحلول الفلسفية والفكريّة والشرعيّة واللّاهوتية والأخلاقية لحلّ مشاكل العالم وشروره، ومع ذلك فإن الشّر يزداد بشراسة مما يعني فشل كل تلك الحلول المقترحة.
لا بد من وجود جواب آخر لمعرفة السبب الحقيقي لمشاكل البشرية وشرورها. وقبل البحث عن الجواب، نحتاج أن نعرف أولًا أين ابتدأت المشكلة. علينا أن نعود إلى مستهلّ التاريخ البشري لنعرف سبب مشكلة الإنسان، وما الذي فصل الإنسان عن الله، وجاء بالشقاء والموت للإنسان.
كانت الخطيَّة وما زالت السبب الأساسي والوحيد في انفصال الإنسان عن الله. ونكتشف هذه الحقيقة من خلال قراءتنا لكلمة الله في سفر التكوين 1:3-19 التي نتعلم منها عن طبيعة عمل الخطيَّة وخصائصها في قلوب الناس.

أولًا، الخطيَّة لا تحترم أي إنسان

آدم هو أول خليقة الله، وقد كان إنسانًا كاملًا في حياته الروحية والأخلاقية والجسديّة، ويتمتع بالجمال والطهارة والقداسة. ومع ذلك استطاع الشيطان أن يخدعه، فدخلت الخطيَّة فيه.
يعتقد كثيرون أنهم مميزون، والخطيَّة لا تستطيع أن تطالهم. ولكن تذكّر الآتي: قد تكون في مركز مرموق، وتصلي يوميًا، وتذهب إلى دور العبادة، وتعرف كل التعاليم الدّينيّة، ورغم ذلك فإن الخطيَّة تستطيع أن تصل إليك، وتفسد حياتك، وتجلب عليك اللعنات والعار.
لا تخدع نفسك أيها الإنسان. لا تفكّر أنه بسبب مركزك السياسي أو الديني أو الاجتماعي، أو بسبب سمعة عائلتك واختبارك الروحي، وتعليمك، أنك محصّن من هجمات إبليس. لا تفكّر أبدًا أن هذه تقيك من السقوط في الخطيّة وعواقبها. فاحذر من خداع الشيطان، وابتعد عن الخطيَّة. أُفَضِّل شخصيًّا أن أداعب أفعى الكوبرا السَّامة، أو أضرب نمرًا متوحشًا، أو أقفز من سطح أعلى بناية في العالم، على أن أتلاعب مع الخطيَّة. عندما خلق الله آدم وحواء، كانا في قمة الجمال والكمال، وكانت لديهما كل امتيازات الحياة الفضلى بما في ذلك السّير والحديث مع خالق الوجود، ولكنّهما لم ينجوَا من لدغة الخطيَّة المميتة.

ثانيًا، الخطيَّة جذابة (تكوين 6:3)

تلبس الخطيَّة ألوانًا رائعة وزاهية لتخدع النّاس وتدفعهم إلى السّقوط. استمع مثلًا لدعايات الدخان والويسكي التي تقول بأن الخمرة تعطيك الانتعاش والنشوة والسرور، ثمّ اذهب إلى حانات الخمرة في منتصف الليل وانظر حالة السَّكارى المزرية. أو اذهب إلى المستشفيات لترى ضحايا حوادث السير الناتجة عن السُّكر. كم عدد البيوت التي تحطّمت بسببها؟ وكم عدد الذين قُتلوا بسبب المسكر؟ كم عدد الأطفال الذين تشرّدوا بسبب الخمر والمسكر؟ ومع ذلك فدعاية الويسكي لا تقول لنا عن النتائج الحقيقية للسُّكر.
يسعى الإنسان إلى اللذّة السريعة، ويعاني العواقب لفترة طويلة. استمع للدعايات عن دور القمار، وستخرج بنتيجة أن كل من يذهب إلى هناك يصبح غنيًا، ولكن فكّر بالذين انتحروا بسبب الخسارة، والذين دُمّرت حياتهم وتحطّمت أسرهم وأُغلقت مصالحهم المالية والتجارية. الخطيَّة تظهر جذَّابة، ولكنها مليئة بسموم الجحيم.

ثالثًا، تظهر الخطيَّة للناس وكأنها الشيء الحكيم والمنطقي الذي يجب عمله

نقرأ في تكوين 6:3 أن "الشجرة جيِّدة للأكل"، أي من الحكمة الأكل من ثمرها، مع أن الله سبق وحذّر الإنسان ألّا يأكل من شجرة معرفة الخير والشّر لأن عقاب عصيانه سيكون الموت. ومع ذلك سقط آدم. الخطيَّة تدّعي بأنها طريق الأذكياء، وتخدع الإنسان ليفكر بأنه مميز وما يعمله هو عين الصَّواب. وطبعًا، لو أن إنسانًا آخر عمل ما تعمله أنت، فهو مخطئ وملعون وشرير، ولكن إن عملتها أنت، فهذا شيء صحيح وحقّ ولا غبار عليه.

رابعًا، الخطيَّة تخدّر الإحساس بالمسؤوليِّة وتُميته

الخطيَّة لديها قوة هائلة لتملأ الإنسان بالإحساس بالمكسب واللذّة لدرجة أنها قد تنسيَه النتائج الوخيمة المترتبة على السقوط في الخطيَّة. لقد نسيت حواء تحذير الله لآدم ولها بالموت، وذلك من أجل متعة أكل ثمرة واحدة من الشجرة (تكوين 6:3). لذلك علينا ألّا نترك الفرصة للشيطان كي ننخدع ونفكّر بأننا لو أخطأنا فلن يصيبنا أي شرّ. تذكّر أنك لا تستطيع أن تخطئ وتنجو من العقاب.

خامسًا، لا يمكن أن تغطّي خطيتك أبدًا (تكوين 7:3-13):

لم يستطع داود أن يغطّي خطيته أو يخفيها، مع أنه كان ملكًا.
لم يستطع قايين أن يغطي خطيته، مع أنه حاول أن يخفي جثة أخيه هابيل.
لم يستطع آدم وحواء أن يغطّيا خطيتهما مع أنهما خاطا أوراق تين وهربا من وجه الله.
قد يعتقد الإنسان بأنه ذكي وعبقري، لكنه مسكين وضعيف. قد تستطيع أن تخفي خطاياك لفترة طويلة أو قصيرة عن النّاس من حولك، لكنك عندما تقف أمام الله، لن تستطيع أن تخفي الحقيقة فيما بعد. نقرأ في سفر العدد 23:32 "وَتَعْلمُونَ خَطِيَّتَكُمُ التِي تُصِيبُكُمْ"، وتعني: تأكّد واعلم بأن خطيتك ستظهرك وتكشفك.

سادسًا، لا تقتصر نتائج الخطيَّة على الإنسان الخاطئ فقط، بل تؤثر أيضًا على غيره

عندما سقطت حواء في الخطيَّة، جرَّت معها آدم. وعندما سقط داود، قُتل الآلاف من شعبه. عندما يسقط ابن في أية أسرة، يتعذّب ويتألّم الأهل. وعندما تسقط المرأة، يتعذّب زوجها ويُشرَّد أولادها ويتحسَّر عليها أهلها. كم من آباء أصيبوا بنوبة قلبية حادّة قضت على حياتهم لحظة أن سمعوا خبرًا مزعجًا عن أبنائهم. كم امرأة بكت بسبب خطيَّة سرقة أو زنا سقط بها زوجها.
إن كانت حياتك مكرّسة للمسيح، وتحيا من أجله، أو إن عملت ما هو صالح، فإنك ستؤثر في حياة آخرين، وتعمل من أجل خلاصهم لكي يذهبوا معك إلى السماء. كذلك إن عشت في الخطيَّة، فسيحصد آخرون معك نتائج خطاياك في بحيرة النار والكبريت. نقرأ في غلاطية 7:6-8 "لاَ تَضِلُّوا! اللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً."

سابعًا، تقود الخطيَّة دائمًا إلى دينونة واضحة ومحدَّدة (تكوين 17:3-19)

تقود الخطيَّة إلى نتائج وخيمة، وإلى دينونة الله العادلة. تأمّل في التغيير الهائل الذي حصل في حياة آدم وحواء، فبدلًا من السير مع الله والحديث معه كصديق، وبدلًا من السلام والراحة والفرح ورضى الله عليهم، بدلًا من كل هذه طُردا من الجنة ولُعنت الأرض بسبب خطيتهم.
أصبح آدم في حالة يُرثى لها بسبب الخطيّة، والطرد من محضر الله. لقد ترك وراءه الحياة الفياضة بالفرح والسعادة، وأصبح أمامه الحياة المليئة بالتعب والمشقة والألم والموت.

علاج الخطيّة

الرَّب يسوع المسيح وحده هو المخلص الوحيد لمشكلة الخطيَّة: نقرأ في 1يوحنا 4:3 تعريفًا واضحًا للخطيّة: "كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضًا." الخطيّة هي التّعدي على الله ووصاياه وشريعته. أي إن من يسرق -على سبيل المثال- يتعدّى على وصيّة الله، وعلى الله، ويستحق مرتكبها عقاب الله العادل وهو الموت.
نعرف من الكتاب المقدّس أن الله حذّر آدم من الموت عندما طلب منه ألا يأكل من ثمر شجرة معرفة الخير والشّر. نقرأ في تكوين 16:2-17: "وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلًا: مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ." لكن آدم تعدّى هذه الوصيّة، وأكل من ثمار الشجرة المحرّمة، وهذا أدّى إلى انفصاله روحيًّا عن الله، أي موته روحيًّا، وفيما بعد موته جسديًّا. نقرأ في رومية 12:5 "بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ." هذا هو قانون السّماء ومطالب عدالة الله وقداسته. ولأن الله يحبّ النّاس الذين خلقهم، فقد عمل على إيجاد مخرج لخطايا النّاس عن طريق الذّبائح الحيوانية التي أخذ الناس بتقديمها قرابين لله للتكفير عن خطاياهم. وقد كانت هذه الذّبائح مؤقّتة ورمزيّة إلى أن جاء الرّب يسوع المسيح ليكفّر عن خطايا جميع النّاس.
نقرأ في رومية 8:5 "وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا." لقد جسّد الله محبته لنا عمليًّا بموت المسيح على الصليب للتكفير عن خطايانا. فكل من يتوب عن خطاياه، ويرجع إلى الله طالبًا الغفران، فإن الله يستجيب له، ويطهّره من كل خطاياه بدم الرّب يسوع المسيح الّذي سُفك على الصليب. ما أعظم الرَّب يسوع المسيح، مخلصنا الوحيد! إنه القداسة بعينها، ويستطيع الآن أن يخلّص كل واحد من الخطيَّة وثمارها، ويطهّر إلى التمام كل فساد، ويملأ القلب بجمال النقاء الحقيقي، والتقوى، والمحبة، والفضيلة، والحياة الأبدية.
نقرأ في عبرانيين 25:7 أن يسوع "يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ." ويقول في 1يوحنا 7:1 "ودمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خطيَّة."
يطلب منّا الرَّب يسوع أن نتوب ونرجع إلى الله. ويعدنا أن يلقي خطايانا في بحر النسيان، ولا يذكرها فيما بعد.
هل تريد أن يطهّرك الرَّب من كل خطيَّة؟
تعال الآن إلى الرَّب يسوع تائبًا عن خطاياك واطلب منه الآن أن يدخل إلى حياتك، ويطهّرك بدمه الطاهر والثمين. وأكرر لك ما قاله الرّسول بولس: "آمن بالرَّب يسوع المسيح فتخلُص." (أعمال 31:16)

المجموعة: آب (أغسطس) 2019

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

146 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10624828