"إذا تواضع شعبي الذي دُعي اسمي عليهم وصلّوا وطلبوا وجهي، ورجعوا عن طرقهم الردية، فإني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم وأبرئ أرضهم." (2أخبار الأيام 14:7)
"إذا"، هي كلمة صغيرة تتألف من ثلاثة أحرف لكنها كبيرة في معناها لأنها أداة شرط! فالرب يشترط على شعبه لكي يسمع صلواتهم ويبرئ أرضهم:
الشرط الأول: الاتضاع والتذلّل أمام الرب "فإذا تواضع شعبي الذي دُعي اسمي عليهم."
إن المعطل الأساسي لاستجابة الصلاة هو الكبرياء. فخطية الكبرياء هي التي حوّلت الشيطان من ملاك نور إلى شيطان رجيم. ومنذ القديم وهو ينفخ روح الكبرياء والعصيان والتمرّد في قلوب البشر، ولا يمكن لأي إنسان أن ينال بركة روحية ما لم يتنازل عن كبريائه بالتذلل والتواضع أمام الرب. "لأنه هكذا قال العليّ المرتفع، ساكن الأبد، القدوس اسمه: [في الموضع المرتفع المقدس أسكن، ومع المنسحق والمتواضع الروح، لأحيي روح المتواضعين، ولأحيي قلب المنسحقين." (إشعياء 15:57)
يقدّم لنا الرب يسوع في قصة الفريسي والعشار صورة مصغّرة عن التواضع والكبرياء: "إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصلّيا، واحد فريسي والآخر عشار. أما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا: [اللهم أنا أشكرك أني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة، ولا مثل هذا العشار. أصوم مرتين في الأسبوع، وأعشِّر كل ما أقتنيه. وأما العشار فوقف من بعيد، لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء، بل قرع على صدره قائلًا: اللهم ارحمني، أنا الخاطئ.] أقول لكم: إن هذا نزل إلى بيته مبرَّرًا دون ذاك، لأن كل من يرفع نفسه يتّضع، ومن يضع نفسه يرتفع."
ثم ماذا نقول عن العذراء المطوّبة مريم. لقد اختارها الرب لتواضعها العميق والخضوع الكامل لمشيئة الله بقولها: "تعظِّم نفسي الرب، وتبتهج روحي بالله مخلِّصي، لأنه نظر إلى اتِّضاع أمته... أنزل الأعزّاء عن الكراسي ورفع المتّضعين." (لوقا 46:1، 52)
والرسول بطرس يكتب إلى الأحداث قائلًا: "وتسربلوا بالتواضع، لأن: [الله يقاوم المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة.]" (1بطرس 5:5)
وداود النبي في مزمور توبته المشهور يقول: "ذبائح الله هي روح منكسرة. القلب المنكسر والمنسحق يا اَلله لا تحتقره." (مزمور 17:51)
هل تريد أن تحصل على نعمة الغفران والمسامحة عن خطاياك؟ فقبل كل شيء تواضع أمام الرب وتب من كل قلبك فيرحمك الرب ويمنحك غفرانه الأكيد.
ثانيًا: الصلاة وطلب وجه الرب
لاحظ: إن التواضع يأتي قبل الصلاة بقوله: "إذا تواضع شعبي الذي دُعي اسمي عليهم وصلّوا وطلبوا وجهي." فالصلاة بدون التواضع والتذلّل والانكسار أمام الرب لا تأتي بالنتيجة المطلوبة.
"وصلّوا وطلبوا وجهي" وليس وجه غيري. يقول داود النبي: "لك قال قلبي: [قلتَ: اطلبوا وجهي.] وجهك يا رب أطلب. لا تحجب وجهك عني." (مزمور 8:27-9)
يقول الرب على لسان إرميا النبي: "هل بَدَلَتْ أمّة آلهةً، وهي ليست آلهةً؟ أما شعبي فقد بَدَلَ مجده بما لا ينفع... عمل شرّين: تركوني أنا ينبوع المياه الحيّة، لينقروا لأنفسهم أبآرًا، أبآرًا مشقّقة لا تَضبُطُ ماءً." (إرميا 11:2-13)
ربما نحصل على البركات الزمنية بدون صلاة، ولكن لا يمكن أن نحصل على البركات الروحية بدون صلاة. لقد كان الرب يسوع يشجّع التلاميذ على الصلاة في حياته وتعليمه؛ فكان يذهب إلى موضع خلاء ويصلي. وكان يعلّمهم أن يصلّوا في كل حين ولا يملّوا قائلًا: "اسألوا تُعطَوا، اُطلبوا تجدوا، اِقرعوا يُفتح لكم. لأن كل من يسأل يأخذ، ومن يطلب يجد، ومن يقرع يُفتح له. فمن منكم، وهو أب، يسأله ابنه خبزًا، أفيُعطيهِ حجرًا؟ أو سمكة، أفيعطيهِ حيّةً بدل السمكة؟ ... فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري الآب الذي من السماء يعطي الروح القدس للذين يسألونه؟" (لوقا 9:11-13)
ثالثًا: التوبة والرجوع عن الأشياء التي يبغضها الرب "ورجعوا عن طرقهم الردية"
لا شيء كالصلاة وقراءة كلمة الله يستطيع أن يساعدنا على أن نكتشف عيوبنا ونقائصنا فنرجع عنها ونتوب إلى الرب ليرحمنا ويباركنا.
"ليترك الشرير طريقه، ورجل الإثم أفكاره، وليَتُبْ إلى الرب فيرحمه، وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران." (إشعياء 6:55)
"ها أن يَدَ الرَّبِّ لم تَقْصُرْ عَنْ أَنْ تُخَلِّصَ، ولمْ تَثْقُلْ أُذُنُهُ عن أن تسمع. بل آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكُمْ، وخطاياكم ستَرَتْ وجْهَهُ عنكم حتى لا يسمع." (إشعياء 1:59-2)