Voice of Preaching the Gospel

vopg

"فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا." (رومية 18:8)
لم يمرّ على عالمنا عصر من العصور امتلأ بالقلق والحيرة والألم والشقاء كهذا العصر. فالخوف يسيطر على الناس في كل مكان،

والمآسي المفزعة المؤلمة تفاجئ الكثيرين في كل قطر... والآلام تغمر الحياة في كل مناحيها يأخذ بعضها برقاب البعض...
فلا تلومونني إذا قلت لكم "إننا جيل غير سعيد" لكننا في وسط آلامنا نجد نورًا براقًا ونسمع صوتًا جميلاً جليلاً ينادينا: "أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا." وآية رسالتنا تقسم نفسها إلى قسمين:

أولاً: آلام الزمان الحاضر
وآلام الزمان الحاضر متعدّدة: فهناك آلام نفسية، وآلام جسدية، وآلام عقلية وآلام خارجية...
1- آلام نفسية: تكلم السيد - له المجد - إلى تلاميذه وهو يصارع آلامه في جثسيماني قائلاً: "نفسي حزينة جدًا حتى الموت." (متى 38:26) ولقد كانت آلام المسيح النفسية آلامًا مبرحة، فقد تألم السيد بسبب خيانة يهوذا تلميذه، وليس هناك آلامًا أشد من آلام الإحساس بخيانة الأصدقاء، ولهذا نحن نهتزّ من فرط الألم عندما نقرأ كلمات النبي وهو يتساءل: "ما هذه الجروح في يديك؟" فيقول: "هي التي جُرحت بها في بيت أحبائي." (زكريا 6:13) ولا شك أن جروح بيت الأحباء هي أقسى الجروح! إن أظلم ساعة في حياة ذلك القيصر المعروف هي الساعة التي فيها رأى صديقه بروتس بين الغادرين به، فنظر إليه وقال في حزن عميق: "حتى أنت يا بروتس!"
فيا أخي، هل أنت متألم من خيانة الأصدقاء لك؟ لا تبتئس ولا تحزن فإن آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن فينا.
وهناك آلام نفسية من جراء الإحساس بالخطية: لقد أحسّ السيد بأن آثام الأجيال السابقة وخطايا الأجيال اللاحقة سوف توضع عليه. "الرب وضع عليه إثم جميعنا." "لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن برّ الله فيه." وفي إحساسه ببراءته وبثقل الخطية الذي وُضع عليه حزن السيد وتألّم!
لكنك قد تتألم لأجل الإحساس بخطية ارتكبتها أنت، وهذه الآلام إذا كانت آلام الندم والتوبة فهي آلام لها أجرتها ومكافأتها. وهناك آلام نفسية كثيرة قال عنها صاحب الأمثال: "القلب يعرف مرارة نفسه."
2- آلام جسدية: ومع الآلام النفسية التي تنغِّص حياتنا في هذه الأرض توجد الآلام الجسدية، آلام الضعف والمرض، وأعتقد أنه إذا كان الضمير مستقرًّا فكل ألم في الجسد يكون محتملاً "روح الإنسان تحتمل مرضه، أما الروح المكسورة فمن يحملها؟"
عندما وصل ذلك المفلوج إلى حضرة السيد – له المجد – قال له: "يا بنيّ مغفورة لك خطاياك." وأنا أعتقد أن الرجل قال في قلبه وهو يشعر بسعادة الغفران: "إذا أقامني أو لم يقمني فكفاني ما نلته من فرح في قلبي."
لقد اجتاز بولس الآلام الجسدية وكتب عنها يقول: "تجربتي التي في جسدي لم تزدروا بها ولا كرهتموها." والشهداء الأولون رضوا بعذاب أجسادهم وقابلوا الآلام وفي أفواههم أجمل الترانيم... وبطرس طلب أن يصلبوه مقلوبًا على الصليب محتملاً الألم والعذاب... ففي الحياة آلام جسدية كثيرة لا تحملها إلا الروح المغسولة في دم المسيح الممتلئة إيمانًا وقوة.
3- آلام عقلية: وتأتي الآلام العقلية، آلام المفكرين في مشاكل هذا الوجود. ولقد اجتاز يوسف هذه الآلام عندما كان في سجن مصر، يفكر في كيف يسمح الله أن تبقى زوجة فوطيفار الشريرة في قصرها تتمتّع بالاحترام، وأن يقضي هو شهورًا من حياته في وسط الظلام؟ ومرت هذه الآلام بعقل آساف حين قال: "أما أنا فكادت تزلّ قدماي. لولا قليل لزلقت خطواتي. لأني غرت من المتكبّرين، إذ رأيت سلامة الأشرار." فنجاح الأشرار وآلام الأبرياء، ومآسي الحياة المفاجئة، كل هذه تملأ عقولنا بإحساسات مؤلمة لا يمكن التعبير عنها.
4- آلام خارجية: وفوق هذه الآلام كلها، تأتي الآلام الخارجية التي كتب عنها الرسول بطرس قائلاً: "فلا يتألم أحدكم كقاتل، أو سارق، أو فاعل شرّ، أو متداخل في أمور غيره. ولكن إن كان كمسيحيٍّ، فلا يخجل، بل يمجّد الله من هذا القبيل... فإذًا، الذين يتألّمون بحسب مشيئة الله، فليستودعوا أنفسهم، كما لخالق أمين، في عمل الخير." أجل، كم من آلام تأتينا من أجل حياة البِرِّ التي نحياها! "إن تألّمتم من أجل البرّ فطوباكم." وكم من آلام تأتينا لأن مشيئة الله قد رتَّبتها لنا لتنقيتنا وتطهيرنا... إن كل هذه الآلام لها ما بعدها من مجد سعيد...

ثانيًا: المجد العتيد أن يُستعلن فينا
لقد وضع بولس العظيم آلامه في كفّة الميزان وعمل حسابه الدقيق ثم هتف: "أن آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن فينا." والواقع أن هذا المجد هو مجموعة أمجاد تنتظرنا في المستقبل السعيد. فما هي هذه الأمجاد:
1- مجد الاختطاف: هذا هو المجد الذي سيحظى به كل مؤمن مدقّق في حياته، محتمل لآلامه وأحزانه "لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة وبوق الله، سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولًا. ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعًا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء..." هذا هو اليوم الذي تتغيّر فيه أجسادنا الضعيفة، فنلبس أجسادًا ممجّدة. هذا هو اليوم الذي تتطلّع إليه قلوبنا بشوق عميق. هذا هو السرّ الذي همس به بولس في آذان الكورنثيين قائلاً: "هوذا سرّ أقوله لكم: لا نرقد كلنا، لكننا كلنا نتغيّر، في لحظة في طرفة عين، عند البوق الأخير. فإنه سيُبوّق، فيُقام الأموات عديمي فسادٍ، ونحن نتغيّر." يا له من مجد عظيم جليل، كل آلام الحياة لا تُقاس به.
2- مجد التتويج: بعد مجد الاختطاف يأتي مجد التتويج، لأولئك الذين احتملوا آلام الحياة بلا تذمّر. "طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة، لأنه إذا تزكّى ينال إكليل الحياة." إن خمسة أكاليل تنتظر رؤوس المؤمنين: إكليل الحياة، وإكليل المثابرة، وإكليل الفرح، وإكليل البر، وإكليل المجد... ومجد التتويج سوف يغطّي كل آلام الأرض.
3- مجد الحياة الأبدية: ومن لنا بلسان موسى، وبعبارات بولس الرسول، وبصوت الملاك جبرائيل، لنتحدث عن مجد الحياة الأبدية! يكفي أن نقرأ الأصحاح الحادي والعشرين من سفر الرؤيا لنرى هذا المجد الذي ينتظرنا في المدينة التي لها الأساسات... ولنفرح ونبتهج وننسى آلامنا ونركز عقولنا في التفكير في أمجادنا.

المجموعة: شباط (فبراير) 2021

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

157 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10612008