يمكن أن تساورك مشاعر طاهرة لكن سلوكك لا يدلُّ على ذلك. أما القداسة المطلوبة والمدعو إليها فهي قداسة في الفكر والقول والعمل، أي طهارة داخلية.
وهي لك ولي ولكل إنسان بواسطة دم الرب يسوع المسيح من خلال الولادة من الروح القدس والانقياد به، من الروح القدس الذي هو روح المسيح، وهي ليست خيارًا.
يمكنك أن تطلب البركة في هذه اللحظة، وإن كنت مؤمنًا وبغض النظر أين تكون وكم مرة سقطتَ، ارجع إلى الرب لأنه يقول: "لا تشمتي بي يا عدوّتي، إذا سقطت أقوم." (ميخا 8:7أ) والرب يريد أن يردّك إلى سبُل البر. لهذا يعطيك رجاءً لأنه يحبُّك. وهذه القداسة تبدأ من القلب ولا يمكن أن تكون إلا بواسطة القلب الجديد الذي يعطيه الرب يسوع المسيح بواسطة الولادة الثانية. هي ضرورية لكنها ليست بكافية. يقول: "وأعطيكم قلبًا جديدًا، وروحًا جديدة في داخلكم، وأنزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم. وأجعل روحي في داخلكم، وأجعلكم تسلكون في فرائضي." (حزقيال 26:36 و27) وفي اللحظة التي يعطيك فيها قلبًا جديدًا تمامًا كما يحتاج الشخص المريض الذي يعاني من فشل في القلب، إلى زراعة قلب جديد فيه يبدأ الأطباء بإعطائه أدوية حتى لا يرفض جسمه هذا العضو الغريب عنه ويستمرّ العلاج لأشهرٍ وسنة وسنتين حتى تتوقّف مناعة الجسم عن مقاومته. هذا بالضبط ما يحصل عند الحصول على قلب جديد وطبيعة جديدة وروح جديدة هي روح الله المستقيمة. ألا يقول الكتاب: "لأن الجسد يشتهي ضدّ الروح والروح ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الآخر" (غلاطية 17:5)؟ لهذا ترى نفسك تحت مداهمة للأفكار الشريرة. من أين؟ إنها من سهام الشرير الملتهبة. فتتصرف إزاءها بالجسد ومثل أي أناس لم يختبروا الخلاص. لأن الطبيعة القديمة تقاوم. الجسد ضد الروح. لكن يقول: "إذا انقدتم بالروح فلستم تحت الناموس." (غلاطية 18:5) و"بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون." (رومية 13:8ب) إذن من الضروري أن تحصل على عملية زراعة قلب جديد. ولكي تنتصر يجب أن تتغلَّب الطبيعة الجديدة على القديمة. وهنا أيضًا دور الطاعة. لديك مفتاح كل يوم، لديك قوة ألّا تخطئ. لكن من الممكن أن تخطئ إذا لم تُطِعْ. فاحذر، القرار هو بيدك. "كأولاد الطاعة، لا تشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم." (1بطرس 14:1)
إذن أولًا: أن تختبر الولادة الجديدة وزراعة القلب الجديد.
وثانيًا: أن تُقاد بالروح القدس النَّقي الساكن فيك. كرّس نفسك من جديد. لديك نصرة حتى إذا أخطأت اعترف بسرعة وامتلئ مجدَّدًا من الروح القدس. حافظ على نفسك طاهرًا في الفكر والقول والعمل. ودَعِ الرُّوح القدس في داخلك يميت الأفكار الشريرة. فعندما تتعرّض لفكرٍ شاذ من زنى أو غيره، ضعه عند الصليب. لديك قوة لتقول لا. والذين ليس لديهم هذه القوة هم الذين تسيطر عليهم الطبيعة القديمة. وإذا كنت أنت أيضًا تسيطر عليك الخطية الساكنة فيك، فاليوم عندك فرصة لكي تتحرّر. "لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت." (رومية 8: 2) أي قد حرّرني!
وثالثًا: لا تستخف بالخطية المحيطة بك بسهولة، لا تستخفّ بعدوِّك، ولا تمازح الخطية، ولا تضع نفسك مع الجنس الآخر بوضْعٍ يمكن أن تقعَ فيه أو تجُرَّب، فتسقط. روح الله لن يساعدك. عليك أن تهرب من الزنى. وهنا أريد أن أذكر هذه المفارقة بين شخصَيْن في الكتاب المقدس: بين شمشون من جهة ويوسف من جهة أخرى. شمشون كان قويًّا بالجسد وفعلًا كان روح الله حالًّا عليه، لكنه مازحَ الخطية. بينما يوسف عندما أتت الخطية تتمسَّك بثيابه هرب منها، فمَنْ هو أقوى إذن؟ هذه مقارنة رائعة جدًّا لأحد خدام الرب يقول فيها: بسبب المرأة دخل كلٌّ من يوسف وشمشون السجن (نحن هنا لا نلوم المرأة بالطبع). عندما دخل يوسف السجن كان الله معه، أما شمشون فدخله بعد أن فارقه روح الرب. لقد أعطى الرب ليوسف نعمة وكرامة في السجن. أما شمشون فقد دخل بلا كرامة يطحَنُ كالثور. ويوسف بعد أن دخل السجن جاءه اليوم الذي فيه قُصَّ شعرُه وأُخرج منه ليرتقي العرش. أما شمشون الذي قُصَّ شعره على ركبتَي دليلة وذُلَّ هناك فقد نبت شعره في السجن ثم خرج من السجن إلى القبر. أخي، لا تمازح ولا تلعب مع الخطية بل اهرب منها. هذا ما فعله يوسف فانتصر... وهذا ما لم يفعلْه شمشون فانكسر، وما أعظم الفرق بينهما! أنا لا أقول أن تذهب وتعيش في صومعة بعيدًا عن الناس، كلّا. بل القداسة هي ربّة بيت، أو امرأة في عملها، وهي رجل في حياته المهنية، هي طبيب، أو معلّم، أو مهندس، أو في إدارة الأعمال، يحيا حياة المسيح في الطهارة؛ هذه الحياة هي لك بدم يسوع المسيح. ليس على النِّت، ولا في مكان الخلاعة فأنت أخذت اللّقاح. وهذا يمنحك مناعة ضدّ الخطية. لكن لا ترمِ الكمامة، وحافظ على التباعد الاجتماعي عن الخطية، لا بل اهرب ليس مترين فقط بل 2000 متر.
ورابعًا: القداسة هي معركة يومية وحرب روحية. وفي الحرب يسقط أناس... ومهما كانوا كبارًا لكنهم معرّضون للسقوط إن استخفّوا بالخطية - إذ كلّ قتلاها أقوياء! لا تنظر إليهم عندما يسقطون لأنهم لم ينتبهوا. قد تقول شمشون سقط، وسليمان الحكيم أيضًا سقط في أيامه الأخيرة إذ أملنَ النساء الأجنبيات قلبه فصنع الشر في عينيّ الرب. عليك أن تكون بطلًا روحيًّا. لقد غرقَتْ سفينة التايتانيك الضخمة، لكن هذا ليس معناه أن كل سفينة ستغرق على وجه الأرض. كن كيوسف ودانيال. فما زال الله يعمل. يمكنك أن تكون إنسانًا طاهرًا لأن لديك روح الله وأنت تطيعه. لهذا، الطاعة هي معركة يومية وأنت تسبح بعكس التيار. يقول: "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضدّ الخطية". (عبرانيين 4:13) وإذا زلّت قدمك تقوم. الرب أعطاك سلاحه الكامل أي سيف الروح. الروح القدس يستخدم كلمة الله في حياتك أي عندك نصرة. لكن الكتاب يشدّد على الجهاد والاجتهاد. إذ يقول: "اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس ولا عيب، في سلام." (2بطرس 14:3) قال أحد قادة حركة الإصلاح A. W. Tozer: "ارتكبنا خطيئة مميتة إذ صوّرنا أن الإيمان لا علاقة له بأعمال الطاعة، والنعمة تنفي الطاعة." لا يا أخي، الإيمان الحيّ هو إيمان طائع في جهاد يومي، وأعمال الطاعة تؤكّد أن الإيمان حيٌّ وليس ميِّتًا. والقداسة ليست فقط الامتناع عن الزنى - مع أن "هذه هي إرادة الله قداستكم" - بل أيضًا أن نهرب من عبادة الأوثان... وأي صنم تعطيه الأولوية دون الله - قد يكون المال أو عملك أو شخصًا تُؤَلِّهه - القداسة هي النزاهة... هي الحياة النظيفة... وهكذا نستطيع أن نضيء كأنوار في العالم. هذه الدعوة هي لك، يقول: "امتنعوا عن كلِّ شبهِ شرّ. وإله السلام نفسه يقدّسكم بالتمام. ولتُحفَظْ روحكمْ ونفسكم وجسدكم كاملةً بلا لومٍ عند مجيء ربنا يسوع المسيح. أمينٌ هو الذي يدعوكم الذي سيفعل أيضًا." (1تسالونيكي 22:5-24)
هذه الرسالة هي لكَ ولي رسالة رجاء بالنهاية، وهي لكلّ إنسان. الرب يتكلم إليك ويقول: إن سقطت تقوم. إذا كنت بعيدًا فالرب يتكلّم إليك لأنه يحبّك. وأنت مكرّمٌ في عينيه. ويقول: "قد أحببتُك." أريد أن أجعل منك بطلًا روحيًّا... "تقدّسوا لأن الرب يعمل غدًا في وسطكم عجائب." ولكن بدون حياة القداسة لا يوجد شيء إلا تأديب الرب عليك. "وإن كنتم تدعون أبًا الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد، فسيروا زمان غربتكم بخوف." (1بطرس 17:1) لأنه "إن راعيتُ إثمًا في قلبي لا يستمع لي الرب." (مزمور 18:66) إذا كنت في الكورة البعيدة كالابن الضال فالرب ينتظرك. وكما قال الدكتور مجدي صموئيل الطيّب الذِّكْر: "الآب السماوي ما زال فاتحًا ذراعيه منتظرًا رجوعَكَ وخضوعَك، عندئذ ينتهي وجعُكَ وجوعُك." فتعال إليه. "وكلّ مَن عنده هذا الرجاء به، يطهّرُ نفسه كما هو طاهر." (1يوحنا 3:3)
منذ أسابيع افتخرتْ أميركا بإيصال مركبةRover إلى المريخ، صرَفَت عليها أكثر من 2700 مليون دولار وعبَرت ملايين الأميال. والهدف لاكتشاف وجود حياة على سطح المريخ. الرب يا أخي صرفَ أكثر بكثير من ذلك، لقد قدَّم دمًا كريمًا كما من حمَلٍ بلا عيب ولا دنس دم المسيح لكي يرفعك إلى السماويات وهي أعلى وأسمى من المريخ. لذا يريدك أن تعيش معه في السماء ويريدك أن تختبر القداسة والحياة النقية الطاهرة، فتعال إلى الرب. "لا تخف لأني فديتك. دعوتك باسمك. أنت لي." (إشعياء 1:43) فلا تُهملِ الطاعة. الرب يفتح يديه إليك فتعال إليه.
إذا لم تختبر بعد الولادة الثانية، فاليوم هو يوم خلاص.. لا تقسّي قلبك. وإذا اختبرت الرب، وحياتك ليست حياة منتصرة، يريدُ الرب أن يطهِّرَك ويدرِّبَك في الطاعة... وإن سقطت تقوم. فاطلب الرب اليوم لكي ينقّي قلبك ويتربّع على عرش حياتك.