تدريب عملي: اكتبْ عبارةً تعبّر عن السلام بمفهومك الشخصي، أو عبّر بالرسم عن ماذا يعنى السلام لك؟
السلام هو الثمرة الثالثة من ثمر الروح القدس.
هناك "شجرة" الروح القدس مزروعة داخل قلب كل مؤمن وتثمر 9 أنواع من الثمر بحسب غلاطية 5 وهي: "محبة فرح سلام، طول أناة لطف صلاح، إيمان وداعة تعفّف."
فالروح القدس يملأ القلب بالسلام وسط الألم والاضطراب والاستشهاد. نقرأ عن إستفانوس وهو يُرجَم: "وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ. فَقَالَ: «هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ.»" (أعمال 55:7-56)
سؤال: لماذا يضطرب الإنسان ويخاف؟
هناك بدون شك أسباب وعوامل كثيرة للاضطراب والخوف، فما يحدث في العالم من حروب ومجاعات وكوارث طبيعية، وأوبئة وأمراض – الكورونا والسرطانات - تملأ قلوب البشر بالخوف والقلق، وما أكثر الذين يخافون من المستقبل المجهول وما يخبئه لهم؟ ومن يخاف الخسارة والفشل، والأمراض الفتّاكة؟ ومن يخاف الموت والدينونة؟!
إن فراغ القلب من الروح القدس ومن المحبة لله وللآخرين يسبّب خوفًا داخليًّا عند الإنسان. يقول الوحي المقدس: "لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ." (1يوحنا 18:4)
الخوف في قلب الإنسان يبدّد فرحه وسلامه واطمئنانه، أما المؤمن ففي قلبه سلام، ويقول مع المرنم: "وأنا قلت في طمأنينتي: [لا أتزعزع إلى الأبد.]" (مزمور 6:30) ويقول أيضًا: "ثابت قلبي يا الله، ثابت قلبي. أغنِّي وأرنّم." (مزمور 7:57)
كيف نحصل على هذا السلام؟
للإجابة أذكر بعض الأفكار:
1– الرب يسوع هو مصدر السلام الحقيقي
"لأنه هو سلامنا." (أفسس 14:2)
هو صانع السلام: "مصور النور، وخالق الظلمة، صانع السلام." (إشعياء 7:45)
هو معطي السلام: "سلاَمًًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا..." (يوحنا 27:14)
وهو رئيس السلام: "وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا مُشِيرًا... أَبًا أَبَدِيًّا رَئِيسَ السَّلاَمِ." (إشعياء 6:9)
وهو ربّ السلام: "وربّ السلام نفسه يعطيكم السلام دائمًا من كل وجه." (2تسالونيكي 16:3)
إنه إله السلام: "وإله السلام نفسه يقدّسكم بالتمام. ولتُحفَظْ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح." (1تسالونيكي 23:5)
إن الذي يمتلكه المسيح يحلّ في قلبه السلام، فلا يخاف من حروب أو عواصف الحياة ولا من موت أو دينونة.
2– التبرير وغفران الخطايا برهان السلام
"فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلامٌ مع الله بربنا يسوع المسيح." (رومية 1:5)
ولكن "لا سلامَ، قال الرب للأشرار." (إشعياء 22:48) لا يمكن للعالم أن يمنح السلام للإنسان. ونحن نرى كم من مؤتمرات، واجتماعات، واتفاقيات، ومعاهدات عُقِدت عن السلام... ورغم كل هذه تزداد الحروب ولم تتوقّف المنازعات والأطماع.
يعرِّفنا الكتاب المقدس بأن الإنسان خاطئ ومتّهم بكسر قانون السلام، ومحكوم عليه بالموت. ولكن عندما يأتي إلى المسيح ويقبله مخلصًا له ينال البراءة، لأن يسوع حمل عنه عقاب الخطية، وسينجو من الدينونة. "إذًا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع."
الإنسان الخاطئ مديون، والمسيح سدّد دين خطاياه "... إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّرًا إيَّاهُ بِالصَّلِيبِ." (كولوسي 13:2-14)
3– مواعيد الله ضمانٌ للسلام
مهما كثرت مسبِّبات المخاوف والاضطرابات فإن الله بمحبته يشجعّنا بمواعيده؛ إذ هناك حوالي 365 وعدًا في الكتاب المقدس تطمئنّ نفوسنا بقوله: "لا تخف!"
وفي العهد الجديد تتكرّر حوالي 11 عبارة عن: "لا تهتم... لا تهتموا بشيء... لا تهتموا بالغد وبالمستقبل... لا تهتموا بما تأكلون أو بما تشربون أو بما تلبسون... ولا تهتموا بما تتكلّمون أمام الحكام، إلخ... ويوجد حوالي 7874 وعدًا خاصًا. وبحسب تفسير وليم ماكدونالد للكتاب المقدس، يوجد حوالي 30000 وعدًا. والمهم أن نلاحظ بأن الرب يشملنا في كل ساعة بعدد كبير من الوعود لينزع منا المخاوف ويملأنا بسلامه.
4– الاتكال على الرب يضمن استمرار السلام
هناك هموم كثيرة تُثقِل نفوسنا بالمخاوف... لكن الرب يطمئننا باستمرار بقوله: لا تخف! لا تهتم! ثِقْ في وعده القائل: "ذو الرأي الممكَّن تحفظه سالمًا سالمًا، لأنه عليك مُتوكِّلٌ." (إشعياء 3:26)
لماذا نسلِّم أمورنا للربّ؟ لأنه أحكم وأقدر منا. لأنه يحبُّنا محبة خاصة ولديه خطة رائعة لحياتنا.
عندما يكون يسوع في حياتنا، ونكون متبرّرين بدمه، ونثق بمواعيده ونسلّمه زمام أمورنا عندئذ يملأنا بسلامه.
أختم بما قاله سي إس لويس: "يشبَّه الإنسان بسفينة في بحر الحياة متّجهة نحو هدف معيَّن، وتهدّدها ثلاثة مخاطر يمكن أن تعطّلها عن بلوغ الهدف: خلل في آلاتها يمنعها من الوصول إلى وجهتها، أو حربٌ بين بحّارتها، أو اصطدامها بسفن أخرى تبحر حولها. ويكمن سلامها في سلامة أجهزتها والتوافق بين بحارتها وعدم اصطدامها بالسفن المحيطة بها."
أما نحن، فلكي نعيش في سلام نحتاج إلى إصلاح قلوبنا بقبول المسيح مخلصًا شخصيًّا لنا، ونتصالح مع أنفسنا ومع غيرنا، عندئذ نستطيع أن نحقّق الهدف. "وسلام الله الذي يفوق كلَّ عقل، يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع." (فيلبي 7:4)