Voice of Preaching the Gospel

vopg

وصف أحدهم اللطف بقوله: "هو المصباح الملآن بالزيت العطر، يضيء البيت بالنور ويملأه بالرائحة العطرة، وهو البساط ذو الوبرة العالية يريح من يسير عليه ويمتصّ الضوضاء التي تملأ بيوتنا.

وهو الستارة التي تمنع وهج الشمس اللافح صيفًا، وشدّة الرياح الباردة شتاءً. وهو الوسادة الناعمة التي ترتاح عليها الرأس المتعبة."
وعلّق الراحل الدكتور القس منيس عبد النور على هذا التشبيه بقوله: هذا الوصف للإنسان اللطيف ينطبق على السيد المسيح، الذي وصفه النبي إشعياء بروح النبوة قبل ميلاده بسبعمائة سنة فقال: "وَيَكُونُ إِنْسَانٌ كَمَخْبَأٍ مِنَ الرِّيحِ وَسِتَارَةٍ مِنَ السَّيْلِ كَسَوَاقِي مَاءٍ فِي مَكَانٍ يَابِسٍ كَظِلِّ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ فِي أَرْضٍ مُعْيِيَةٍ." (إشعياء 2:32)
فالمسيح اللطيف ملجأ لنا من الريح، وستر لنا من السيل، ونبع ماء لنا في صحاري الحياة، وظلّ صخرة عظيمة في برية قاحلة، فلنسأل الله أن يجعلنا مشابهين المسيح ليكون ثمر الروح فينا لطفًا.

ما هو اللطف؟
ورد التعبير في الإنكليزية بهذه المفردات kindness - decent –gentleness، ويعني الرقة، الطيبة، العطف، الشفقة، الرأفة، الحلم، الوِدّ، النبل. وكل هذه المعاني نجدها في شخص ربنا يسوع المسيح الذي قيل عنه: "لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته." (متى 19:12) وقال عن نفسه: "نيري هيِّن" لأنه لطيف، فلا يجرح الكتف.
كان السيد المسيح لطيفًا رقيق المشاعر: في كلامه الذي كانّ كدواء للجروح، وكالمرهم الملطف، وكالعطر الذي يملأ الأجواء بالهدوء الذي يكسب الناس حتى الأعداء منهم. كان كلام السيد المسيح مملوءًا بالمحبة والوداعة. لم يصب البنزين على النار قط بل ماءًا باردًا، وقد جاءت النبوة عنه: "أعطاني السيد الرَّبُّ لِسَانَ الْمُتَعَلِّمِينَ لأَعْرِفَ أَنْ أُغِيثَ الْمُعْيِيَ بِكَلِمَةٍ. يُوقِظُ كُلَّ صَبَاحٍ لِي أُذُنًا، لأَسْمَعَ كَالْمُتَعَلِّمِينَ." (إشعياء 4:50)
كان لطيفًا ومهذبًا في تعاليمه وتصرفاته وتعامله مع الناس على اختلاف مشاربهم وجنسياتهم ومواقفهم منه، وبالأخص الخطاة منهم. على سبيل المثال، كان لطفه في حديثه مع المرأة السامرية بلا انتقاد ولا توبيخ ولا تقريع... لم يفضحها ولم يكشف لها خطاياها بل مدح صدقها. وماذا كان موقفه من المرأة التي أُمسكت في ذات الفعل؟ لم يوبّخها أو يدينها بل قال لها: "ولا أنا أدينكِ، اذهبي ولا تخطئي أيضًا." أما عن موقفه وكلماته الرقيقة مع شاول الطرسوسي، فيشهد الرسول بولس ويقول: "وَلَكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا اللهِ وَإِحْسَانُهُ لاَ بِأَعْمَالٍ فِي بِرٍّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، الَّذِي سَكَبَهُ بِغِنًى عَلَيْنَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا." (تيطس 4:3–6) وهكذا كان لطفه مع بطرس الذي أنكره، ومع توما الذي شكّ فيه، ومع الأطفال الذين انتهرهم التلاميذ لكنه دعاهم إليه واحتضنهم ووضع يديه عليهم وباركهم. كم كان يسوع لطيفًا ورقيق المشاعر مع المحتاجين، فتحنّن على الجموع، وأشبعهم، وشفى مرضاهم، وضمّد جراحهم، وأقام موتاهم، ومسح دموعهم، وبكى معهم.
ويعقوب أبو الأسباط يشهد عن لطف الله معه: "... صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ ألْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ. فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هَذَا الأُرْدُنَّ وَالْآنَ قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ." (تكوين 9:32-10)
فهل نتعلم نحن هذا النوع من اللطف من المسيح الذي قال: "... وتعلّموا منّي، لأنّي وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم"؟
لنتعلّم منه كيف نتكلّم ونتعامل بلطف مع الآخرين. إن كلام الإنسان اللطيف هو الكلام المهدّئ في وقت الغضب وليس الجارح والمهيِّج لأن "الجواب الليِّن يصرف الغضب، والكلام الموجع يهيِّج السخط."
والشخص اللطيف لا ينتقد بل يمدح، يرى النقط البيضاء لا السوداء، لا يفضح بل يستر، لا يجرح بل يضمِّد الجرح.
الشخص اللطيف يساعد الناس الذين لا يستحقّون المساعدة، ويلتمس العذر للآخرين، ويتعامل معهم بوداعة المسيح. اللطيف يكسب حتى الأعداء أما الشخص القاسي فيخسر حتى الأصدقاء. اللطف هو الطريق لربح الآخرين فنأسرهم بلطفنا ومعاملاتنا الرقيقة.
قال أحد الرواة أنه حدثت منافسة بين الشمس والريح: من منهما يستطيع أن يجعل المسافر يخلع معطفه... فأخذت الريح الفرصة الأولى وهبّت بشدّة وعنف، ولكن كلّما اشتدَّ هبوبها تمسّك المسافر بمعطفه أكثر. وعندما فشلت الريح أخذت الشمس الفرصة وأشرقت بدفئها اللطيف بغير عنف ولا ضوضاء ولا إثارة الأتربة، فعندما أحسّ المسافر بدفئها، خلع معطفه.
يعجبني حاكم جزيرة مليطة -أي مالطة - الذي يشهد عنه الرسول بولس في (أعمال 7:28-8) "فَهَذَا قَبِلَنَا وَأَضَافَنَا بِمُلاَطَفَةٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ."
واللطف يخرج من شجرة الروح القدس المزروعة في داخل المؤمن المملوء بالروح القدس.
وختامًا اذكر بعض أقوال الوحي المقدّس الذي يحثّنا على اللطف: "وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ..." (أفسس 32:4)
"فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أنَاةٍ..." (كولوسي 12:3–13)
كن لطيفًا في كلامك فلا تجرح الآخرين بل تضمِّد جراحهم.
كن لطيفًا في مواقفك ومعاملاتك مع الناس فلا تصبّ الزيت على النار بل تصنع سلامًا وطوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدْعَون.
كن لطيفًا رقيق القلب تجاه احتياجات الآخرين فلا تبخل بل مدّ يد المساعدة.
كن لطيفًا فاغفر واعتذر.
امتلأ من الروح القدس عندئذٍ تثمر لطفًا.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

204 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10627707