Voice of Preaching the Gospel

vopg

طرح أحد الأشخاصِ سؤالًا يقول فيه: "أين كان الله عندما وقع الزلزال المدمّر في سوريا وتركيّا؟

هل كان نائمًا؟ أم أنّه لا يبالي بما يحدث للنّاس، ويتلذّذ عند سماع صرخات عذابهم!؟
من حقِّ أي شخص أن يطرح أي سؤال عن الله، وعن أعمال الله، وعن إرادة الله. ولكنّ الملفت للنظر والمثير للعجب، إن لم يكن للسّخرية، أن يطرح شخصٌ لا يؤمن أصلًا بوجود الله، مثل هذا السؤال. فإن كان الله، هو مجرد خرافة عجائزية، أو أسطورة شعبيّة، ولا وجود له، فلماذا يتطاول غير المؤمن بوجود ربٍ ومبدعٍ للكون على الله بطرح أسئلة تنمّ عن الاستهزاء والافتراء والحطّ من مجد الله وسلطانه؟
كلّنا نعرف بأن هذا الزلزال لم يكن الأول ولن يكون الأخير. كذلك ما أكثر الكوارث التي وقعت خلال مسيرة التاريخ، مثل البراكين والعواصف والحرائق والفيضانات، وأنّه سقط نتيجة لحدوثها عشرات بل مئات الملايين من النّاس. كذلك يرتكب أعداء الحياة يوميًّا جرائم قتلٍ ضد البشريّة، وخصوصًا الأطفال والأجنّة في الحروب والإجهاض وأعمال الإرهاب. فلماذا لا يتمّ التّطاول على الله بسبب قتل الأطفال نتيجة عمليات الإجهاض، أو بسبب الحروب المدمّرة؟ أم أنّ الساخرين من الله وقت الزلازل، هم من مؤيدي الإجهاض، ومن دعاة الحروب...
كلُّ من يطالع الكتاب المقدّس بعقلٍ يبحث عن الحق - وليس بمواقف عدائيّة مسبقة - يكتشف جملة من الحقائق عن الله، وعن الإنسان، وعن خليقة الله، وأذكر من جملة هذه:

 الله خالق كل شيء في الوجود: "فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ." (تكوين 1:1)

 يعرف الله كل ما في الوجود: "وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا." (عبرانيّين 13:4) أيضًا: "أَمَا عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَسْمَعْ؟ إِلهُ الدَّهْرِ الرَّبُّ خَالِقُ أَطْرَافِ الأَرْضِ لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَعْيَا. لَيْسَ عَنْ فَهْمِهِ فَحْصٌ." (إشعياء 28:40) وكذلك: "يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ." (رومية 33:11)

 الله قدّوس وصالحٌ: "اَلرَّبُّ صَالِحٌ وَمُسْتَقِيمٌ." (مزمور 8:25) وكذلك: "قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ." (إشعياء 3:6) ونقرأ في رؤيا 8:4 "قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي."

 الله يحبّ جميع النّاس الّذين خلقهم: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (يوحنّا 16:3) كذلك: "وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي ِللهِ فِينَا. اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ." (1يوحنّا 16:4)

مقابل هذه الصّورة المجيدة عن الله، يعلن لنا الكتاب المقدّس بكلّ قوّةٍ ووضوح، بأن جميع النّاس خطاة ويستحقون العقاب والموت ودينونة الله. وسأذكر هنا ثلاث آياتٍ فقط تبرهن وتبيّن حقيقة شموليّة الخطيّة لكل النّاس: "لَيْسَ إِنْسَانٌ لاَ يُخْطِئُ." (1ملوك 46:8) أيضًا: "الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ." (رومية 23:3) وكذلك: "بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ." (رومية 12:5)
وبسبب خطايا وشرور ونجاسات هذا العالم، أي بسبب سقوط الإنسان في الخطيّة، وبسبب ما يعمله الإنسان من أعمالٍ غير مسؤولة ضد الطّبيعة الّتي خلقها الله بصورة رائعة ومتقنة ومتوازنة، مثل بثّ الغازات السّامة، وخلع أشجار الغابات، وتغيير مجاري الأنهار، وبناء سدود المياه والبحيرات الاصطناعية، وكثرة الحروب والمتفجّرات، فإن الكرة الأرضيّة أصبحت في وضعٍ قابلٍ لكلّ التّغيرات المدمّرة للحياة. كذلك لا بد من أن نتذكر بأنه توجد قوانين في الطّبيعة تحافظ على كينونتها، وبأنّ قشرة الأرض تتكوّن من صفائح عملاقة قابلة للحركة والاصطدام ببعضها البعض. وكلّ هذه الحقائق الأخلاقيّة والطّبيعيّة تؤدّي إلى نتائج كارثيّة على النّاس، مثل الزّلازل الّتي تحصد حياة الكثيرين.
نقرأ في رومية 18:8-22 كلمة الله القائلة: "فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا. لأَنَّ انْتِظَارَ الْخَلِيقَةِ يَتَوَقَّعُ اسْتِعْلاَنَ أَبْنَاءِ اللهِ. إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ - لَيْسَ طَوْعًا، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَخْضَعَهَا- عَلَى الرَّجَاءِ. لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ. فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ."
تساعدنا هذه الحقائق العظيمة والمفرحة والمؤلمة في نفس الوقت، في فهم ورؤية ما يحدث في العالم بشموليّة وعمقٍ يفوق كلّ ما أبدعه الجنس البشري من فلسفاتٍ وأيديولوجيّاتٍ ومدارس فكريّة. كذلك تساعدنا هذه الحقائق عن الله على أن نعيش حياتنا اليوميّة في سلام وثقة وطمأنينة، وذلك لأننا "نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ." (رومية 28:8)
يرى الله ويعرف كل ما يجري، وفي نفس الوقت نعرف أن ما يجري لا يعبّر عن إرادة الله التي يصفها الكتاب المقدّس بأنّها الإرادة: "الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ." (رومية 2:12) كذلك يجب التّأكيد على أنّ الزلزال ليست قضاء وقدر، ولكن الله يسمح بحدوث مثل هذه الأشياء، ويستخدمها لتنبيه النّاس على أنه الرّب والسّيد وصاحب القوّة والسلطان والكلمة الأخيرة في كل الكون.
أما بالنسبة للأطفال الّذين قتلوا ويقتلون في الحروب والزّلازل وعمليات الإجهاض، فأنا كإنسان يؤمن بكل كلمة قالها رب المجد يسوع، أثق بأن هؤلاء الأطفال لهم ملكوت السّماوات: "دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ." (لوقا 16:18)
من ناحية أخرى، لا يمكن للبشرية أن تقدّم عزاء لقلوب المتألمين بسبب وفاة أطفالهم، أو أن تجيب عن سؤال مصير أطفالهم الموتى، وذلك بدون الثقة بوعود الله المتعلّقة بالأطفال.
كذلك فإن ما يحدث من كوارث فيه دعوة للنّاس من أجل التفكير بوضعهم الرّوحي والأخلاقي، والتوقّف عن أعمال الشرّ والخطيّة، وأن يعودوا من كل قلوبهم تائبين إلى الله، الذي حتمًا سيغفر لهم ويرحمهم بدافع من محبّته لهم.
أمّا بخصوص السؤال التهكمي عن نوم الله وقت الزلزال، فإن علينا أن نعرف ونتذكّر حقيقة رائعة عن الله: "لا يَنْعس حافظك. إنَّه لا يَنْعس ولا ينام." (مزمور 3:121-4)
وأريد أن أختم بتذكير كلّ إنسانٍ بكلمة الله القائلة: "اسْتَعِدَّ للقاء إِلهك." (عاموس 12:4)
(كُتبت هذه المقالة القصيرة إثر وقوع زلزالٍ مدمّرٍ في سوريا وتركيّا، وقد قُتل بسببه عشرات الآلاف من النّاس، ووقع دمارٌ عظيم في الدّولتين، وكان ذلك صباح يوم الاثنين 6 شباط، 2023.)

المجموعة: نيسان (إبريل) 2023

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

441 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10631854