للوهلة الأولى من قراءة عنوان مقالنا، سيبدو لك أني أتحدّث عن مسلسل درامي اجتماعي، تدور أحداثهُ حول
قصة حبّ تحمل في طياتها الكثير من مشاعر الحزن والألم والانتقام. ولا أُنكر وأقول الصدق بأني اقتبست العنوان ذاتهُ لنجد المعنى الحقيقي لحياتنا ونستغلّ فرصة وجودنا على الأرض لنعيش حياةً مُثمرة ومُزدهرة كما أوجدها لنا الآب السماوي. فما المانع من أن نحوّل أيَّ قصّة عالميّة تخدم العالم لأغراضٍ وقتيّة، إلى قصة تتمتّع بخصلٍ روحية وتُكلّل مجد الرب من خلال سطورها!
لو عُدنا إلى الكتاب المقدس الذي منهُ نسترشد خطواتنا وأفكارنا، لوجدنا كثيرًا من القصص التي تتحدّث عن شخصيات عاشت حياتها "سنوات ضياع". فمثلًا هناك المرأة السامرية، التي كانت تبحث باستمرار عن حُبٍّ يرويها ويدوم إلى الأبد. لكنها وللأسف لم تحصل على شهوة قلبها، فظلّت تبحث عن حاجتها في المكان الخطأ وفي الأشخاص الخطأ، وعاشت سنوات من الضياع إلى أن التقت بالرب يسوع المسيح عند بئر سوخار فأعادَ لها شوق الحياة، لتحيا لهُ وحدهُ وتخدمهُ.
الشخصية الثانية هي زكّا العشّار الذي كان رئيسًا للعشارين وغنيًّا، لكنه كان مُحتقَرًا في عيون شعبهِ لأنهُ كان يعمل لصالح الدولة الرومانية في جمع الضرائب، وغالبًا ما اتّصف هؤلاء الجُباة بالقسوة والظُّلم، ولهذا نجد أن زكّا عاش سنوات من الظلم والاحتقار واستغلال الآخرين وكأنّهُ يحاول أن يجد نفسَه وقيمته في الآخرين، فكانت سنواته مُتّسمة بالضياع إلى أن حصل على شرف اللقاء بسيّده ومُخلّصه يسوع المسيح البارّ، الشخص الوحيد الذي يستحقّ أن يخدمَه ويُضطَهَد من أجل اسمه ويجد قيمتَه واعتباره فيهِ.
وقصة الابن الضال هي واحدة من القصص السباقة في تقديم موضوعٍ بسيط في كلماتهِ لكنّه غنيٌّ في معانيه. تميّز ذلك الابن بأخلاقهِ الفاسدة وقساوة قلبهِ بطلب ميراثه من والده الذي كان حيًّا يُرزق، ودارت الأحداث، ووقع فريسة لرئيس هذا العالم، وعاش سنوات من الضياع والتيهان بعيدًا عن بيت أبيهِ وعن إتمام مشورتهِ. ثم عاد أخيرًا إلى رُشدهِ وقرّر العودة إلى حضن أبيه الذي كان ينتظرهُ بلهفة وشوق.
أخواتي وإخوتي القُرّاء الأفاضل، الشخص الضائع هو من تاهَ عن عنوانهِ وعن غرض تواجدهِ على هذهِ الأرض وسبب تواجدهِ هنا اليوم، وهو يعيش من أجل أهدافه الشخصية، أي ذلك الشخص الذي يبني في ملكوتهِ الخاص ويستغلّ كلّ فرصة تتاحُ له ليستمتع بها ويُتمّم شهوة جسده.
كنّا جميعنا نعيش سنوات ضياع قبل أن نلتقي بالرب يسوع المسيح ونتوِّجهُ ربًّا وسيّدًا على حياتنا وسنينا. وكل إنسان لا يزال يعيش لذاته وإتمام مشيئته هو شخص لم يلتقِ بعد بالرب يسوع المسيح.
إن كنا لا نزال نعيش سعيًا وراء هذهِ الأهداف التي لا تخدم اسم الرب وتمجّده، فلنستيقظ، لأن السنوات التي قضيناها بعيدًا عن الآب السماوي وعن خدمة مشيئتهِ، ما هي إلا سنواتٍ ضائعة. دع الرب يسوع المسيح أن يدخل حياتك اليوم ويُحيي سنواتك ويعطيك سنوات مُزدهرة ومثمرة وحياة يافعة. تعال وادعُ يسوع ربًّا وإلهًا وسيّدًا لك.