"أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ
مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا. وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لَا تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ»".
1- إن ولادة يسوع المسيح قد حدثت "لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا". (متى 18:1–٢٣) أي، تمّت النبوءة المذكورة في إشعياء 14:7 التي تقول: "وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»".
كانت الخطبة عند اليهود تستمرّ لمدة عام، وتختلف عن مفهومنا اليوم إذ كانت عندهم عقدًا مُلزِمًا لا ينتهي إلّا بالموت (حين تصبح الخطيبة أرملة) أو تُفسَخ الخطبة بالطلاق كما هو الحال بالنسبة للزواج الفعلي. وكانت الخطيبة تقيم أثناء فترة الخطوبة في بيت أبيها لذلك ذكر الملاك "لَا تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ". ويُعتبر الزواج قد تمّ عندما يأخذ الرجل خطيبته إلى بيته في احتفالٍ علنيّ. "وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي إِلَى الْأَبَدِ. وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ وَالْإِحْسَانِ وَالْمَرَاحِمِ. أَخْطُبُكِ لِنَفْسِي بِالْأَمَانَةِ فَتَعْرِفِينَ الرَّبَّ". (هوشع 19:2-٢٠)
علاقة الرب بنا ليست مرحليّة ولكنها علاقة أبديّة
2- أن مريم العذراء "وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ". (ع ١٨) المسيح هو الوحيد الذي وُلد في العالم بدون تدخُّلٍ بشريّ، لذا هو أعظم شخص في العالم لأنه حُبل به من الروح القدس. "فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلَاكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟». فَأَجَابَ الْمَلَاكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذَلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ". (لوقا 35:1)
لقد قام الروح القدس بعمليّة خلق "تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ، وَتُجَدِّدُ وَجْهَ الأرض". (مزمور 30:104)
3- "فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا".
بدأت علامات الحمل تظهر على العذراء وكانت عقوبة الزنا قبل الزواج هي الرجم (تثنية 13:22-١٩). ويوسف كرجلٍ بار ملتزم بالشريعة كان باستطاعته أن يتّهم خطيبته بالزنا لكنه أراد تخليتها سرًّا ويعطيها كتاب طلاق أمام اثنين من الشهود بحسب المشنا - فلم يشأ يوسف البار أن يشهرها (يفضحها)، أراد تخليتها سرًّا.
كان يجب أن تكون العذراء مريم مخطوبة ليوسف:
١- لكي يُنسَب المسيح إلى يوسف من نسل داود من سبط يهوذا. "يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ".
٢- لكي تجد من يقف بجوارها في رحلة الولادة ولا سيّما للهروب إلى مصر. "وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ" (ع ٢٠). لقد كان يوسف في حيرة وارتباك "ماذا يفعل؟" إجابه الملاك: "يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لَا تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لِأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ".
رسالة المسيح من جزئين وله اسمين:
١- "فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ [يَسُوعَ]. لِأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ". أي يجعل شعبه وكلّ من يؤمن به بلا لوم وبلا خطية.
شهادة يوحنا 29:1 "وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلًا إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ]"!
"وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا". (١يوحنا 2:2)
كان شاب يبحث عن خلاص نفسه حلم حلمًا بأنه في السماء وأبصر مجموعة من الناس الفرحين يهتفون ويسبّحون ويعظّمون الرب. فسأل الملاك: "من هؤلاء؟" أجاب: "هم الأنبياء".
حزن الشاب وقال: "أنا لست نبيًّا ولا ابن نبيٍّ". ثمّ رأى مجموعة أخرى وعلم أنهم تلاميذ المسيح، فحزن الشاب لكنه رأى مجموعة كبيرة جدًّا من الناس، فسأل: "من هؤلاء؟" أجاب: "هؤلاء هم جماعة المفديّين بدم المسيح فمنهم من كان سارقًا، ولصًّا، وزانيًا، وخاطئًا لكنهم اغتُسِلوا بدم المسيح". ففرح الشاب واستيقظ وهو يهتف "أنا منهم... أنا منهم".
كيف أخلص؟ "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ". (يوحنا 12:1)
٢- "وَيَدْعُونَ اسْمَهُ [عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اللهُ مَعَنَا". إنه قادر أن يُخلّص من الخطية وهو أيضًا معنا إلى أن نلتقي في مجيئه الثاني.
شروط الفادي
1- ألّا يكون هذا الفادي أقلّ من الإنسان المطلوب فداؤه بل على الأقل يكون مساويًا له ومن نفس جنسه لكي يستطيع أن يكون نائبًا عنه أمام الله. لذلك لا تصلح الذبائح الحيوانية التي كانت تقدَّم قبل تجسّد الرب يسوع التي كان من ضمن أغراض تقديمها إعلان الله للخاطئ ما يستحقّه من موت وحرق عقوبةً لخطيّته.
2- أن يكون هذا الفادي خاليًا تمامًا من الخطية، أي ليس فيه خطيّة.
3- أن يكون هذا الفادي معصومًا من الخطية، أي لم يعمل خطية مطلقًا.
4- أن يكون فاديًا للكلّ، ويجب أن تكون قيمته أكبر منهم جميعًا.
5- يجب أن يكون غير مخلوق. فلو كان مخلوقًا لما كان يحقّ له تقديم نفسه.
6- يجب أن يكون هذا الفادي شخصًا غير محدود ليستطيع أن يكون نائبًا عنّا أمام الله غير المحدود ولكي يعوّض الله غير المحدود عن الإهانة التي لحقت به بسبب الخطية.
7- يجب أن يكون هذا الفادي شخصًا عظيمًا جدًّا مساويًا ومعادلًا لله، وأن يكون في نفس الوقت معادلاً للناس ليستطيع أن يصالح الإنسان مع الله.
دعونا نقول مع كاتب المزمور: "الأخ لن يفدي الإنسانَ فداءً (لأنه لا تنطبق عليه الشروط السابقة) ولا يعطي الله كفّارةً عنه. وكريمةٌ هي فدية نفوسهم (أي ثمينة وغالية جدًّا)، فغَلِقَتْ إلى الدهر (أي، ليست في متناول اليد)". (مزمور 7:49-٨)