"هوذا أنا أَمَةُ الرَّبِّ. ليكُنْ لِي كقوْلِك". (لوقا 38:1) يتناول مقالنا شخصيّة ميلادية تطوّبها جميع الأجيال
حسب ذِكر الكتاب المقدس لها، وهي القدّيسة المطوَّبة مريم (أُمّ يسوع).
لو عُدنا إلى النصّ حسب البشير لوقا 26:1-38، وتمعّنّا في قراءة الآيات الكتابيّة وفحصها لوجدنا حوارًا دار في ظلّ النعمة الإلهيّة، وقيلت مُفرداتهُ حسب النَّصّ الإلهيّ إن جاز القول والتعبير.
نجد في كلام الملاك تكهُّنات بما سيحملهُ المستقبل لعذراء الناصرة.
لن نتكلّم بمفردات صعبة أو بلغة فلسفيّة لكن نكتفي بالقول بأن مريم وُضِعَت تحت مُساءلة اقتضى الأمر منها قبولها أو رفضها! لكن ما نجدهُ في قول مريم يرينا عظمة محبّة مريم لإلهِها وخضوعها لإتمام مشيئتهِ. لم تُفكّر مريم بما سيَحكُم عليها المجتمع آنذاك، ولا بما سيُفكِّر خطيبها البارّ يوسف بل وجّهت نظرها وقلبها لإتمام ما صدر من القدير.
في الكتاب المقدس رجال تمّموا رغبة قلب الرب ويصحّ أن نُطلق عليهم رجال المُهمّات الصعبة. وفيه أيضًا نساء فاضلات تقيّات خَدمْنَ الربّ بحياتهنّ وأموالهنّ مثل أستير، وراعوث، وحنّة، وأبيجايل، وغيرهنّ من النساء اللواتي يشهد الكتاب المقدس عن حكمتهنّ ومصداقيّة إيمانهنّ، ومريم (أُم يسوع) هي واحدة من أولئك النساء الفاضلات.
عذراء الناصرة قَبِلت الكلمة بفرح وبكلّ تواضع وثقة بإلهها بأنّهُ قادر على إتمام ما وعدها به، احتضنت مريم الكلمة وقَبِلتها فنمت فيها وأثمرت.
الخلاصة التي سنضعها أمامنا هي أن نتعلّم من مريم قبول "كلمة الله" بكلّ تواضعٍ وانكسارٍ واحتضانها واللهج بها لتُثمر مئةً وستين وثلاثين، ومهما كانت التساؤلات والمخاوف التي تغزو قلوبنا فإننا نضعها أمام الرب ليعطينا راحةً وعونًا.
أيها القارئ الفاضل، إن كلّمك الرب اليوم في هذهِ الأسطر فاخضَعْ له ووجِّهْ قلبك نحو كلمته، اقبَلْ الكلمة واحتضنها بفرح، اقبَلْ الرب يسوع المسيح في حياتك لتختبر حياة الوفرة والإثمار، لكي تُرنّم كما رنّمت مريم وتقول:
"تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي... لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ". (لوقا 46:1-٤٧، ٤٩، ٥٠)