الفصل العاشر: الله سلامي: يهوه شالوم Jehovah shalom
يمكن اعتبار قضاة 23:6 مرجعًا لهذه التسمية. سفر القضاة هو كتاب رقم 7 في العهد القديم ورقم 7 يشير إلى السلام.
فقال الرب لجدعون: "السلام لك. لا تخف. لا تموت." والقصة تبدأ حينما أخطأ بنو إسرائيل للرب فأرسل لهم نبيًا يحدثهم أن الرب إلههم يشجعهم ألا يخافوا آلهة الأموريين الذين هم ساكنون أرضهم. ثم ظهر ملاك الرب لجدعون حين كان يخبط حنطة في المعصرة خوفًا من المديانيين، "قال له: الرب معك يا جبار البأس." فقال جدعون: "إذا كان الرب معنا فلماذا أصابتنا كل هذه؟ وأين كل عجائبه التي أخبرنا بها آباؤنا قائلين: ألم يصعدنا الرب من مصر؟" فقال له ملاك الرب: "اذهب بقوتك هذه وخلّص إسرائيل من كف مديان. أما أرسلتك؟" عندها تردّد جدعون قائلاً: "‘أسألك يا سيدي، بماذا أخلص إسرائيل؟ ها عشيرتي هي الذلّى في منسى، وأنا الأصغر في بيت أبي.’ فقال له الرب: ‘إني أكون معك وستضرب المديانيين كرجل واحد.’" فبنى جدعون هناك مذبحًا للرب ودعاه "يهوه شالوم."
كيف دعا جدعون هذا المذبح "يهوه شالوم"، في الوقت الذي كان فيه إسرائيل تحت حكم المديانيين؟ غير أن الله القادر الذي قال "سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم،" هو الذي يقتدر في الأمر.
ثم، إن قرأت بقية القصة، تجد أن جدعون قد هزم المديانيين بجيش قوامه 300 جندي. ونقرأ في قضاة 28:8 "وذلّ مديان أمام بني إسرائيل ولم يعودوا يرفعون رؤوسهم. واستراحت الأرض أربعين سنة في أيام جدعون." إن العالم في يومنا يحتاج إلى هذا السلام ويحتاج أكثر إلى إله السلام.
اليوم، لقد أصبح شعار المجتمع "الغاية تبرر الوسيلة،" والحدّ بين الصواب والخطأ أصبحت غير واضحة المعالم، وأصبح الشعور هو المسيطر الوحيد على العلاقات العامة. فإذا أحسست أن شيئًا ما يعجبك فافعله حتى ترضي نفسك. ولقد أصبح الإنسان هو مركز التفكير وآلة الانتاج. فالطمع والشهوة والكبرياء طرق تظهر للإنسان أنها مستقيمة لكن عاقبتها طرق الموت. يا إخوتي، يجب علينا أن نعيش مسيحيتنا كل يوم كما قال الرسول بولس في 1كورنثوس 57:15-58 "ولكن شكرًا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح. إذًا يا إخوتي الأحباء، كونوا راسخين، غير متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب." "اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تُزاد لكم."
لم يعدنا الله بأن تكون حياتنا سهلة بل قال صراحة: "في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا: أنا قد غلبت العالم." "كثيرة هي بلايا الصدِّيق، ومن جميعها ينجِّيه الرب." "إذا سقط لا ينطرح، لأن الرب مسندٌ يده." "أيضًا كنت فتى وقد شخت، ولم أرَ صدِّيقًا تُخُلِّي عنه، ولا ذريّة له تلتمس خبزًا، اليوم كله يترأَّف ويقرض، ونسله للبركة."
يقول في إشعياء 6:9 "لأنه يولد لنا ولد ونُعطى ابنًا، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعى اسمه عجيبًا، مشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًّا، رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية، على كرسيّ داود وعلى مملكته، ليثبِّتها." وفي أعمال 36:10 "الكلمة التي أرسلها إلى بني إسرائيل يبشّر بالسلام بيسوع المسيح. هذا هو رب الكلّ." وفي أفسس 17:2 "فجاء وبشّركم بسلام، أنتم البعيدين والقريبين." من كل هذا ندرك أن يسوع هو سلامنا. ثم نقرأ في رومية 1:5 "فإذ قد تبرّرنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح." وفي كولوسى 15:3 "وليملك في قلوبكم سلام الله الذي إليه دُعيتم في جسد واحد، وكونوا شاكرين."
ربما نجد شخصًا يجلس في منطقة هادئة على شاطئ البحر، ولكننا إذا أمعنّا النظر نجده يدخن سيجارة تلو الأخرى، أو يشرب كأسًا من الخمر بعد الأخرى. ومن الجائز أن نجد شخصًا آخر يسير في أحد الأسواق حيث تكثر الضوضاء، غير أننا نجد على وجهه ابتسامة عريضة. ما هو الفارق بين هذين الشخصين؟ إنه السلام الداخلي الذي يميّز حياة الإنسان رغم ما يحيط به من ظروف. فإذا أردت التمتّع بسلام يفوق كل عقل فما عليك إلا أن تنظر إلى يسوع رب السلام.
حينما جاء يسوع إلى عالمنا هذا، نام على وسادة في السفينة، بينما كانت هناك عاصفة هوجاء كادت أن تغرقها. لقد تحنّن مرة على الجموع التي كانت تتبعه وأمر تلاميذه بأن يعطوهم ليأكلوا. وعندما دخل بيت يايرس أخبر كل المعزّين بأن يكفّوا عن البكاء وقال: "لم تمت الصبية لكنها نائمة." مع أنهم ضحكوا عليه. وعندما التقى بمجنون كورة الجدريين لم يخف منه مع أنه أزعج المدينة، ولم يقدر أن يضبطه أي إنسان. وحتى قرب نهاية حياة يسوع على الأرض لم يرضَ بأن يقطع بطرس أذن عبد رئيس الكهنة، فلمسها وفي الحال برأت.
لقد صرخ على الصليب: "يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون." ورفض أن يشرب خلاًّ ممزوجًا بمرارة؛ الذي كان يُعطى لتخفيف الآلام لكي يكون على صلة بأبيه في كل لحظة عاش فيها.
جاء في إشعياء 17:32 "ويكون صنع العدل سلامًا، وعمل العدل سكونًا وطمأنينة إلى الأبد." هذا هو يسوع الذي قال لتلاميذه في يوحنا 34:4 "... طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله." لم يقل يسوع في أي وقت كان "السلام بأي ثمن،" ذلك لأنه لا بد أن يكون مع السلام برّ، كما هو مكتوب في إرميا 14:6 "ويشفون كسر بنت شعبي على عثم قائلين: سلام، سلام. ولا سلام." وكذلك في إشعياء 21:57 "ليس سلام، قال إلهي، للأشرار." وفي غلاطية 22:5 نرى أن السلام جزء من ثمر الروح، إذ يقول: "وأما ثمر الروح فهو: محبة فرح سلام، طول أناة لطف صلاح، إيمان ..." السلام يعتمد على السلوك في فرائض الله، كما هو مكتوب في لاويين 3:26-6 "إذا سلكتم في فرائضي وحفظتم وصاياي وعملتم بها... أجعل سلامًا في الأرض، فتنامون وليس من يزعجكم." "إذا أرضت الرب طرق إنسان، جعل أعداءه أيضًا يسالمونه." وفي بركة هارون الواردة في عدد 22:6 "وكلم الرب موسى قائلاً: ‘كلم هارون وبنيه قائلاً: هكذا تباركون بني إسرائيل قائلين لهم: يباركك الرب ويحرسك. يضيء الرب بوجهه عليك ويرحمك. يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلامًا.’" وجاء في مزمور 14:34 "حِدْ عن الشر، واصنع الخير. اطلب السلامة، واسعَ وراءها." وفي مزمور 8:85 "إني أسمع ما يتكلم به الله الرب، لأنه يتكلم بالسلام لشعبه ولأتقيائه، فلا يرجعنّ إلى الحماقة." ويقول في مزمور 7:120 "أنا سلام." وفي جامعة 3: 8 "... للحرب وقت، وللصلح (السلام) وقت." وهو يشير هنا لا إلى هدنة مؤقتة بل إلى سلام شامل. وجاء في إشعياء 3:26 "ذو الرأي الممكن تحفظه سالمًا سالمًا، لأنه عليك متوكّل." ومكتوب عن الأشرار في إشعياء 8:59 "طريق السلام لم يعرفوه، وليس في مسالكهم عدل." ويقول الأشرار في أنفسهم في إرميا 15:8 "انتظرنا السلام ولم يكن خير، وزمان الشفاء وإذا رعب." وفي متى 12:10-13 "وحين تدخلون البيت سلّموا عليه، فإن كان البيت مستحقًّا فليأتِ سلامكم عليه، ولكن إن لم يكن مستحقًّا فليرجع سلامكم إليكم." وفي متى 34:10 "لا تظنوا أني جئت لألقي سلامًا على الأرض. ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا،" ويضيف في عدد 37 "من أحب أبًا أو أمًّا أكثر مني فلا يستحقني." علينا أن نعترف بأننا أحببنا العالم، والوطن، والأهل، والأقارب والعقيدة أكثر منه. وقد ظهرت الملائكة عند ولادة يسوع المسيح في لوقا 14:2 مسبحة الله وقائلة: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة." وفي لوقا 42:19 نجد يسوع وقد بكى على أورشليم قائلا: "إنكِ لو علمتِ أنتِ أيضًا، حتى في يومك هذا، ما هو لسلامك! ولكن الآن قد أُخفي عن عينيكِ." وفي يوحنا 27:14 "سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب." أي، إن العالم لم يعطكم هذا السلام، ولن يستطيع أن ينزعه منكم، لأن يسوع نفسه ووحده هو رئيس السلام. وفي يوحنا 33:16 قبل أن يقبض الحراس على يسوع، قال لتلاميذه: "قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام. في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا: أنا قد غلبت العالم."
وفي معظم رسائل بولس الرسول كان يبدأ الرسالة كما في رومية 7:1 "... نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح." وفي رومية 1:5 "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح." وفي نهاية رسائله كان بولس في معظم الحالات يكتب كما في كورنثوس الثانية 11:13 "أخيرًا أيها الإخوة افرحوا. اِكمَلوا. تعزَّوا. اهتموا اهتمامًا واحدًا. عيشوا بالسلام، وإله المحبة والسلام سيكون معكم."
وفي أفسس 14:2 "لأنه (يسوع) هو سلامنا، الذي جعل الاثنين واحدًا، ونقض حائط السياج المتوسط." وفي فيلبي 7:4 "وسلام الله الذي يفوق كل عقل، يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع." وفي كولوسي 15:3 "وليملك في قلوبكم سلام الله الذي إليه دُعيتم في جسد واحد، وكونوا شاكرين." وفي 1تسالونيكي 13:5 "... سالموا بعضكم بعضًا." وفي 2تيموثاوس 22:2 "أما الشهوات الشبابية فاهرب منها، واتبع البر والإيمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقيّ." وفي عبرانيين 1:7-2 "لأن ملكي صادَق هذا، ملك ساليم، كاهن الله العلي، الذي استقبل إبراهيم راجعًا من كسرة الملوك وباركه." وفي يعقوب 18:3 "وثمر البر يُزرع في السلام من الذين يفعلون السلام." في النهاية أكرر ما ورد في أفسس 14:2 "لأنه (يسوع) هو سلامنا." ما أجمل يهوه شالوم "الرب سلامنا!"