الفصل الرابع: الله الراعي، يهوه روهي Jehovah Rohi
شكرًا ليك يللي بترعاني ياللي إيديك دايمًا رافعاني
"وَكَانَ الرَّبُّ يَسِيرُ أَمَامَهُمْ نَهَارًا فِي عَمُودِ سَحَابٍ لِيَهْدِيَهُمْ فِي الطَّرِيقِ،
وَلَيْلاً فِي عَمُودِ نَارٍ لِيُضِيءَ لَهُمْ. لِكَيْ يَمْشُوا نَهَارًا وَلَيْلاً." (خروج 21:13)
"وَقَالَ الله: [يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ، مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ؟ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبِينَ؟». فَقَالَتْ: «أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ.]" (تكوين 8:16)
هذا هو اسم مركب لله يدلّ على مدى الأشياء التي يوفرها الله الراعي لكلّ ولدٍ من أولاده من خلال نعمته.
الله الهادي The Guide
وهذه هي واحدة من صفات الله الذي يقودنا في موكب نصرته، ونجدها في مزمور 23 الذي كتبه الملك داود بعد أن أصبح ملكًا، وربما في آخر أيام حياته. كانت هناك بالقصر غرفة صغيرة فيها يجمع الملك كل ذكرياته وممتلكاته عندما كان راعيًا: العصا والعكاز والجراب، وربما بعض الأحجار الملساء التي بقيت بعد أن قتل جليات، والمقلاع الذي استعمله ضّد هذا العملاق. وكان يذهب إلى هذه الغرفة بين حين وآخر ليستعيد تلك الذكريات التي كتبها الوحي لنا. وربما كان داود يفتكر في بعض المزامير التي كان يرنمها وهو في البرية مع غنيماته.
قال: الرب راعيّ فلا يعوزني شيء في هذه الحياة،
يعطيني المأكل والمشرب،
يردّ نفسي حينما أكون متضايقًا،
ويزيل الخوف من حياتي حينما أسير في هذه الحياة
في وادي ظل الموت... إنني واثق أنه ظلٌّ فقط...
وكما أن ظلّ السكين لا يقطع فظل الموت لا يخيفني
لأن الله موجود معي في كل وقت.
ثم يقول: بعصاك تهديني وتمنعني من الوقوع في فخاخ الشيطان،
وبعكازك تنقذني إذا أخطأت الطريق وسقطت.
لا أخشى من أعدائي لأن الذي معي أقوى من الذي في العالم.
لقد مسحت رأسي بالدهن وجعلتني ملكًا وكاهنًا،
وملأت كأسي فأنا لا أحتاج للعالم لأن كأسي قد فاض
لأنك تسر بغنى عبدك، خير ورحمة يلاحقانني كل أيام حياتي،
وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام.
الله الحافظ – الحفيظ – الحامي
"وَأُذُنَاكَ تَسْمَعَانِ كَلِمَةً خَلْفَكَ قَائِلَةً: «هذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ. اسْلُكُوا فِيهَا». حِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَمِينِ وَحِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَسَارِ." (إشعياء 21:30)
"لاَ تَذْكُرُوا الأَوَّلِيَّاتِ، وَالْقَدِيمَاتُ لاَ تَتَأَمَّلُوا بِهَا. هأَنَذَا صَانِعٌ أَمْرًا جَدِيدًا. الآنَ يَنْبُتُ. أَلاَ تَعْرِفُونَهُ؟ أَجْعَلُ فِي الْبَرِّيَّةِ طَرِيقًا، فِي الْقَفْرِ أَنْهَارًا." (إشعياء 18:43-19)
وخير مرجع لهذا نجده في مزمور 91 عن الحماية من الموت:
"اَلسَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ، فِي ظِلِّ الْقَدِيرِ يَبِيتُ. أَقُولُ لِلرَّبِّ: «مَلْجَإِي وَحِصْنِي. إِلهِي فَأَتَّكِلُ عَلَيْهِ». لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ وَمِنَ الْوَبَإِ الْخَطِرِ. بِخَوَافِيهِ يُظَلِّلُكَ، وَتَحْتَ أَجْنِحَتِهِ تَحْتَمِي." (أي، كالدجاجة التي تجمع فراخها تحت جناحيها. وكأنها تقول للمهاجم: لا بد أن تقتلني قبل أن تلمس فراخي. ومع ذلك فالدجاجة ضعيفة ولكنها تعطي فراخها حماية وقوة.)
لا يمكن للشيطان أن يصل إليكم: "من يمسكم يمس حدقة عينه." (زكريا 8:2)
"ترس ومجنّ حقه. لاَ تَخْشَى مِنْ خَوْفِ اللَّيْلِ." إن الله لا يزيل المصائب فقط، لكنه يعطينا سلامًا لأنه يقول: "سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا." إنه يعطينا روح المحبة والنصح والقوة بدلاً من روح الخوف.
"يسقط عن جانبك ألف وربوات. عن يمينك، إليك لا يقرب." إنه أعظم تأمين لحياة فضلى محمية في يد الله، وهي لا تكلفك شيئًا
"لأنك قلت: "أنت ملجأي. جعلت العلي مسكنك."
عندما تلفظ لفظ الجلالة وتقول له: يهوه روهي، وسكنت في حماه "لا يلاقيك شر"، ولا حتى يحاول أن يدنو من خيمتك، "لأنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك" – عندما تسير. "على الأيدي يحملونك لئلا يصدم بحجر رجلك." ما أجمل مواعيده وما أعظم حمايته! ثم ينتقل الوحي إلى الله نفسه متكلمًا بالمواعيد في عدد 14:
"لأنه تعلّق بي أنجيه. أرفّعه على صخرة عالية لأنه عرف أن اسمي هو يهوه روهي، يدعوني فاستجيب له وأكثر من ذلك - إذ كان لا بد له أن يجتاز في بعض الضيق – معه أنا في الضيق أنقذه وأمجده وأطيل أيامه على الأرض حتى يؤدي المهمة التي أوكلته بها، وأريه خلاصي وعندما تنتهي أيامه هنا سيكون معي في مجد لا تراه عين ولا تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان.
الله الولي أو الصديق أو المسؤول The Patron
في الحقيقة إن المعنى هنا هو The Sponsor أو الشخص المسؤول عنك مسؤولية تامة من جميع النواحي وخصوصًا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والروحية:
الناحية الاقتصادية
يقول الكتاب في مزمور 16:37 "القليل الذي للصديق خير من ثروة أشرار كثيرين. لأن سواعد الأشرار تنكسر، وعاضد الصديقين الرب."
مزمور 25:37 "أيضًا كنت فتى وقد شخت، ولم أرَ صدّيقًا تُخُلّي عنه، ولا ذرّية له تلتمس خبزًا."
مزمور 10:34 "الأشبال احتاجت وجاعت، أما طالبو الرب فلا يعوزهم شيء من الخير."
وفي مزمور 27:35 "لِيَهْتِفْ وَيَفْرَحِ الْمُبْتَغُونَ حَقِّي، وَلْيَقُولُوا دَائِمًا: «لِيَتَعَظَّمِ الرَّبُّ الْمَسْرُورُ بِسَلاَمَةِ عَبْدِهِ.»" في الحقيقة إن الكلمة المترجمة هنا (سلامة) تعني باللغة اليونانية "غنى مادي". فالترجمة الصحيحة المسرور بغنى عبده.
وفي الرسالة الثالثة للرسول يوحنا عدد 2 يقول: "أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا (غنيًا) وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ." وهناك كثير من الآيات الكتابية عن هذا الموضوع.
دعونا ننظر الآن في بعض رجال الله المذكورين في الكتاب لنرى ماذا عملوا؟
يقول الوحي في تكوين 2:13 عن إبراهيم: "وَكَانَ أَبْرَامُ غَنِيًّا جِدًّا فِي الْمَوَاشِي وَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ."
وعن أيوب، يقول الكتاب في أيوب 3:1 بعد سرد كل ممتلكاته: "فَكَانَ هذَا الرَّجُلُ أَعْظَمَ كُلِّ بَنِي الْمَشْرِقِ."
وفي تكوين 12:26-13 يتكلم الوحي عن إسحاق: "وَزَرَعَ إِسْحَاقُ فِي تِلْكَ الأَرْضِ (وكان هناك جوع في كل الأرض) فَأَصَابَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِئَةَ ضِعْفٍ، وَبَارَكَهُ الرَّبُّ. فَتَعَاظَمَ الرَّجُلُ وَكَانَ يَتَزَايَدُ فِي التَّعَاظُمِ حَتَّى صَارَ عَظِيمًا جِدًّا."
أما عن داود الملك فيقول الكتاب في 2صموئيل 10:5 "وَكَانَ دَاوُدُ يَتَزَايَدُ مُتَعَظِّمًا، وَالرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ مَعَهُ."
أما عن الملك سليمان، فنقرأ في 1ملوك 11:3-13 "فَقَالَ لَهُ اللهُ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تَسْأَلْ لِنَفْسِكَ أَيَّامًا كَثِيرَةً وَلاَ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ غِنًى... هُوَذَا قَدْ فَعَلْتُ حَسَبَ كَلاَمِكَ. هُوَذَا أَعْطَيْتُكَ قَلْبًا حَكِيمًا وَمُمَيِّزًا حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُكَ قَبْلَكَ وَلاَ يَقُومُ بَعْدَكَ نَظِيرُكَ. وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ أَيْضًا مَا لَمْ تَسْأَلْهُ، غِنًى وَكَرَامَةً حَتَّى إِنَّهُ لاَ يَكُونُ رَجُلٌ مِثْلَكَ فِي الْمُلُوكِ كُلَّ أَيَّامِكَ."
من الناحية الاجتماعية: حماية
في المجتمع الشرقي، أن يكون الله صديقًا لك هي فكرة غريبة على الأسماع، ولكن يقول الكتاب في أخبار الأيام الثاني 7:20 عن الأرض: "أَعْطَيْتَهَا لِنَسْلِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ إِلَى الأَبَدِ." وفي خروج 11:33 يقول الوحي عن موسى: "وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ، كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ." وقال الرب عن إبراهيم في تكوين 17:18 "فَقَالَ الرَّبُّ: «هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ (صديقي) مَا أَنَا فَاعِلُهُ؟" عندما أراد أن يهلك سدوم وعمورة، وكان لوط ابن أخي إبراهيم يعيش هناك.
وفي مزمور 5:23 وردت هذه العبارة "ترتّب قدّامي مائدة تجاه مضايقيّ." ومعناها أنك الصديق الأول والأخير.
وفي أمثال 24:18 وردت هذه الآية: "اَلْمُكْثِرُ الأَصْحَابِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ، وَلكِنْ يُوجَدْ مُحِبٌّ أَلْزَقُ مِنَ الأَخِ (الذي هو الرب يسوع المسيح)."
إن هذا الصديق يقول لك في إشعياء 1:43-2 "لاَ تَخَفْ لأَنِّي فَدَيْتُكَ. دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. أَنْتَ لِي. إِذَا اجْتَزْتَ فِي الْمِيَاهِ فَأَنَا مَعَكَ، وَفِي الأَنْهَارِ فَلاَ تَغْمُرُكَ. إِذَا مَشَيْتَ فِي النَّارِ فَلاَ تُلْذَعُ، وَاللَّهِيبُ لاَ يُحْرِقُكَ." أي عيني عليك!
وفي إشعياء 29:40-31 "يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً. اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ، وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّرًا. وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ."
ج) من الناحية الروحية
يجب أن نعتمد كليًا على الرب وليس على أنفسنا كما قال في أمثال 5:3-8 "تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ. فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ. لاَ تَكُنْ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِكَ. اتَّقِ الرَّبَّ وَابْعُدْ عَنِ الشَّرِّ، فَيَكُونَ شِفَاءً لِسُرَّتِكَ، وَسَقَاءً لِعِظَامِكَ."
وفي زكريا 6:4 يقول: "لاَ بِالْقُدْرَةِ وَلاَ بِالْقُوَّةِ، بَلْ بِرُوحِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ."
إن العالم الروحاني هو الذي يتحكم في العالم الموجود، لأن الله روح. ففي خروج 10:17-13 عندما حارب إسرائيل عماليق في رفيديم وقف موسى على رأس التل وعصا الله في يده وكان معه هارون وحور. "وَكَانَ إِذَا رَفَعَ مُوسَى يَدَهُ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَغْلِبُ، وَإِذَا خَفَضَ يَدَهُ أَنَّ عَمَالِيقَ يَغْلِبُ. فَلَمَّا صَارَتْ يَدَا مُوسَى ثَقِيلَتَيْنِ، أَخَذَا حَجَرًا وَوَضَعَاهُ تَحْتَهُ فَجَلَسَ عَلَيْهِ. وَدَعَمَ هَارُونُ وَحُورُ يَدَيْهِ، الْوَاحِدُ مِنْ هُنَا وَالآخَرُ مِنْ هُنَاكَ. فَكَانَتْ يَدَاهُ ثَابِتَتَيْنِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. فَهَزَمَ يَشُوعُ عَمَالِيقَ وَقَوْمَهُ بِحَدِّ السَّيْفِ."
ندرك من هذه القصة بأن حربًا روحية تدور خلف الكواليس.
ففي أخبار الأيام الثاني 15:20 "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ لَكُمْ: لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا بِسَبَبِ هذَا الْجُمْهُورِ الْكَثِيرِ، لأَنَّ الْحَرْبَ لَيْسَتْ لَكُمْ بَلْ ِللهِ." هذه هي كلمات الرب ليهوشافاط ملك يهوذا: "غَدًا انْزِلُوا عَلَيْهِمْ... لَيْسَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحَارِبُوا فِي هذِهِ. قِفُوا اثْبُتُوا وَانْظُرُوا خَلاَصَ الرَّبِّ." -لأننا نعيش بالإيمان وليس بالعيان- ونصرهم الله نصرًا عظيمًا، ولم يفقد لهم جندي واحد!
"إن كان الله معنا فمن علينا؟"
"اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي، مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟ عِنْدَ مَا اقْتَرَبَ إِلَيَّ الأَشْرَارُ لِيَأْكُلُوا لَحْمِي، مُضَايِقِيَّ وَأَعْدَائِي عَثَرُوا وَسَقَطُوا. إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذلِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ (رغم الحرب والأحداث)."
سُمّي الرب يسوع بأربعة صفات لهذا الراعي:
الرب راعيّ (مزمور 1:23)
الراعي الصالح (يوحنا 13:10)
الراعي العظيم (عبرانيين 20:13)
رئيس الرعاة (1بطرس 4:5)