Voice of Preaching the Gospel

vopg

يقول الرب: "الحقّ الحقّ أقول لكم: إن لم تقع حبّة الحنطة في الأرض وتمُتْ فهِيَ تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمرٍ كثير."

هل هناك نجاح في الحياة دون ثمن؟ هل هناك نجاح في الدراسة دون سهر؟ هل من ترقية في العمل دون تعب؟ هل ينمو الأولاد دون محبّةٍ وبذلٍ وعطاء؟ هل تُبنى الأوطان دون شهادةٍ ودماء؟ وهل ينجح الزواج دون تضحية؟
النجاح في أيِّ أمرٍ لا يأتي مجّانًا. ولكن التضحية تأتي دائمًا على قدر المحبّة والأهميّة. قد يدّعي إنسان ما أنه يحبّ الوطن ولكن عند الصعوبات يتركه ويهاجر ويفتّش عن مكانٍ يرتاح فيه، بينما يبقى شخص آخر مجاهدًا ومضحّيًا. أو قد يقول إنسان ما بأنه يحبّ أهله كثيرًا لكن ما أن يكبروا ويمرضوا حتى يبتعد عنهم ولا يعود يزورهم أو يهتمّ بهم نفسيًّا أو ماديًّا أو عاطفيًّا. الأمر كلّه متوقّف على مقدار المحبّة. فهل تعطي زواجك أهمّيّة قصوى في حياتك؟ هل تحبّ شريك حياتك فعلاً؟ هنا لبّ الموضوع. تقول الفلسفة الحديثة: "افعل ما يريحك". ولكن بحسب الحياة وبحسب تعليم الرب لا نجاح، ولا استمرار لأيّ زواج دون تضحية. فإذا كنت تظنّ أن الزواج يستمرّ بالأنانية فأنت واهم. فالزواج الأناني محكوم بالنهاية.

علامة الزواج المثالي
طبعًا أنا هنا لا أعالج حالات الزواج المَرَضِيّة التي فيها تعنيف أو خيانات أو مخدّرات أو مشاكل تستدعي حلولاً من نوعٍ آخر. أنا أتكلّم عن زواج بين شخصين عاديّين تزوّجا عن حبّ. قد تكون التضحية للآخر فكرة لكن مع مرور الوقت نتعلّم أن التضحية حقيقة في الزواج. لا شكّ أن الزواج المثالي هو عندما تُمارَس فيه المحبّة الباذلة المعطاءة من الطرفين. لكن الحياة ليست دائمًا هكذا.
قد تكون التضحية أحيانًا مؤلمة لأنها تمسّ أمورًا نحبّها، وربّما تكون مخفيّة عن عين الشريك أو أنّه لا يلاحظها أبدًا ولا يعطيها القيمة المطلوبة. أو ربّما يكون أحد الطرفين يضحّي أكثر مما يضحّي الآخر. أقول لا تقيسوا التضحية بالمكيال ولا تقارنوا. التضحية لا تنتظر شيئًا بالمقابل. إنها المحبّة الصافية المُخلصة حيث يحبّ الإنسان شريكه أكثر من نفسه.
قال أحدهم: "إذا كنت غير مستعدّ للتضحية فأنت ما زلت غير صالحٍ للزواج". طبعًا هذا ليس مفهوم الكثير من الناس في أيامنا الذين يظنّون أن الزواج تسلية وحبّ ورِفقة وسفر... لذا يتزوّجون باندفاع وشجاعة ولكن بعد فترة قصيرة أو طويلة يصطدمون بالواقع فينفرون وينفصلون لأتفه الأسباب. قبل الزواج هناك "أنا"، أما بعد الزواج فهناك "نحن". هذا لا يعني ألّا يكون للإنسان طموحاته وأهدافه في الحياة لكننا في الزواج نبني مستقبلاً مشتركًا فلا بدّ من التضحية ببعض الخصوصيّة لنكون معًا.

أهمّية التضحية
التضحية هي كلّ ما أفعله للآخَر قبل نفسي. هذه التضحية قد تبدأ بأمور صغيرة لكنها معبّرة جدًّا ولها دلالاتها. مثلاً، أن تترك قطعة حلوى لمن تحبّ، أو تقوم بعملٍ بالنيابة عنه لكي يرتاح، أو تتخلّى عن أمرٍ ما لأنه يزعج الشريك... إلى اقتصاد في المصروف لتخفيف الأعباء إلى توفير أحلى جوٍّ في المنزل... إلى ما هو أصعب بكثير مثل خدمة مريض. فماذا لو أُصيب شريك حياتك بمرض مستعصٍ عضال مثلاً؟ نعم، قد تكلّفك التضحية أحيانًا زهرة عمرك. لهذا يقولون في عهد الزواج: "في الصحة والمرض. في الفقر والغنى... إلى أن يفرّق بينهما الموت". فهل نعني هذه الكلمات حقًّا؟
التضحية ليست إلغاء الذات بل هي تقديم طوعي للآخر دون ندم. لا يُخفى على أحد أن هناك حالات ضحّى أحدهم فيها لكن دون جدوى ولا تقدير ولم ينجح الزواج للأسف. هذا يحدث عندما يكون الشريك عديم الإحساس وأنانيًّا. لكن بالرغم من كلّ هذا لا تندم أو تندمي على أيّ تضحية قمت بها. الله يرى كلّ ما يحصل في الخفاء ويجازي. اعمَلْ كلّ شيء كما للربّ. واعمَلْ كلّ ما تستطيع لإنجاح زواجك. هذا هو الزواج الحقيقيّ المبنيّ على الحبّ. هذا هو الزواج الذي يُنتِج أولادًا أصحّاء.

دور المحبّة
يُمتحَن الزواج في زمن الصعوبات وليس في زمن الرخاء. عندما تعاكسكما الظروف، عندما تضيق الماديّات، أو تأتي الأمراض أو يأتيكما ولدٌ مريض (لا سمح الله) ... هنا الامتحان. هل يصمد الزواج؟
الاختلاف حتميّ في الزواج لكن الخلاف هو خيار. أسهل حلّ غرائزي هو أن يقول المرء: "هذا رأيي. أنت على خطأ وأنا محقّ". لكن لغة المحبّة مختلفة. المحبّة الحقيقيّة هي عندما يكون المرء على استعداد لفعل كلّ ما يُسعد شريك حياته. عندما تكون سعادتي من سعادته. هل هذا كلامٌ نظريٌّ؟ لا. بل هذا ما قصده الرب عندما سنَّ لنا الزواج لخيرنا وطلب منّا أن نتنازل بعضنا لبعض. "أيها النساء اخضعنَ لرجالكنّ كما للربّ... أيها الرجال، أحِبّوا نساءكم كما أحبّ المسيح أيضًا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها". لقد شبّه المسيح الزواج بعلاقة المسيح (العريس) بالكنيسة (العروس). لقد أحبّها لدرجة أنه ضحّى بنفسه لخلاصها. هذه التضحية لم تكن متكافئة أبدًا. بل إنها كانت من طرفٍ واحد، وهنا العظمة. هذه منتهى التضحية. هذا هو المثال المطلوب. والزواج المثالي بحسب مفهوم الكتاب المقدس يُبنى على محبّة حقيقيّة.
أما المحبّة المطلوبة لزواج ناجح فهذا نوعها: "الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّوءَ..." (1كورنثوس 4:13-8)
طوبى لمن بنى زواجه على هكذا محبّة، على الصخرة، على شخص المسيح. فنزل المطر، وجاءت الأنهار، وهبّت الرياح، ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط، لأنه كان مؤسّسًا على الصّخر.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2024

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

174 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11360196