Voice of Preaching the Gospel

vopg

تحتوي عبارة بولس الشهيرة في رومية 28:8 على وعدٍ عظيمٍ ينبغي التمسّك به. وتتضمّن العبارة جوابًا للمؤمنين:

ترتبط عبارة "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير،"… بما سبقها في رومية 18:8-27 حيث يصف بولس حالة العالم الحاضر، الذي يتمخّض بالاضطراب والضيق، والألم، وفيه يتألّم المؤمنون، ويئنّون مع الخليقة. العبارة هي جواب من الله للمؤمن الذي يعيش تحت الآلام ويتوق للتحرّر منها والتمتّع بحرّية مجد أولاد الله، فيطرح أسئلة عن الأسباب، ولا يَلْقَى جوابًا شافيًا.
وحتى حينما يلجأ بالصلاة للحصول على العون، يجد نفسه عاجزًا عن معرفة كيفيّة الصلاة بشكلٍ فعّال لأنّه لا يفهم ما يجري حوله (رومية 26:8). توضّح عبارة بولس أننا عاجزون عن معرفة تفاصيل الصورة الكبرى، لكنّنا نعلم أمرًا واحدًا عن يقين، وهو أنّه في وسط الآلام، والغموض واللايقين، فإن الله ممسكٌ بزمام الأمور، وكلّ الأشياء تحت سلطانه المطلق، وسوف يجعلها تعمل معًا لتحقيق قصده النهائي.

جواب الرب لنا: ينبغي أن نحيا على الوعود، وليس على معرفة التفاصيل، وتفسير الأحداث حولنا. فالإيمان المسيحي هو تعلُّم العيش رغم عدم اليقين، والتمسّك فقط بشخص المسيح ووعوده.

الله هو الفاعل: عبارة "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير"… لا تعني أن الشرّ هو خير، ولا تعني تفاؤلًا أعمى بتحوّل الشرّ إلى خير، أو أن نتحمّل الشرّ من خلال التأمّل وممارسة اليوجا على طريقة الـ "نِرفانا" في الديانة الهندوسية. لا تعني العبارة أن كلّ الأشياء هي خير، أو أنّها تتحوّل تلقائيًا إلى خير. إن العامل الفعّال من وراء الستار، هو شخص الله القدير، المُمْسِك بزمام الأمور، الذي يدير دفّة الكون ويجعلها تعمل معًا لتحقيق مقاصده. فكلّ ما يحصل في حياتنا اليوميّة من تفاصيل وحوادث، بحلْوِها ومرِّها، لا يمكن أن يحدث دون إذنٍ من الله القدير. وإذا تمسّكنا بهذا الوعد فسوف يجعل الله كلَّ الأشياء في حياتنا ومن حولنا تعمل لخيرنا ومجده. وهذا المبدأ نفسه تؤكده عبارةُ يوسف في تكوين 20:50 "أنتم قصدتم لي شرًّا، أما الله فقصد به خيرًا، لكي يفعل كما اليوم، ليُحيِي شعبًا كثيرًا."

مفهومٌ مختلفٌ للخير:

أوّلًا، ينبغي أن نعرف أن هذه العبارة لا تشمل كلَّ الناس.
فكلُّ الأشياء لا تعملَ للخير لكلِّ البشر، بل تعمل حصريًّا للخير لأجل فئةٍ محدودةٍ من الناس، وهم المؤمنون المولودون ثانية من الله. وذلك حسب خطّة الله الأزليّة لأولاده (ع 29-30). يجعل الله كلَّ الأشياء تتضافر وتتعاون معًا لتحقيق الخير الأسمى لأولاده المؤمنين.

وثانيًا، يجب أن نعرف ماذا يقصد بولس بالخير؟
يختلف معنى الخير والصلاح في الكتاب المقدس عن معناه في الفلسفة. فبحسب فلاسفة اليونان: "سقراط وأرسطو وأفلاطون، والفلاسفة الأبيقوريين"، يتمّ تحقيق الخير الأسمى، بحصولنا على أكبر قدرٍ من السعادة والازدهار، والتمتُّع بالحياة. بينما يرى الفيلسوف الألماني "كانْت" أنّ الخير يتمُّ باتّباع إرادة الإنسان الصالحة، وهي أن يفعل الإنسان واجبه. أما بالنسبة للفلاسفة النفعيّين مثل جون ستيوارت ميل، وبنثام، فإنّ الخير الأسمى في الحياة هو واجب تأمين السعادة لأكبرِ عددٍ من الناس في العالم.
بخلاف نظريات الفلاسفة حول تعريف الخير الأسمى، فإن مفهوم الخير والصلاح يأتي من شخصيّة الله وطبيعته الإلهية، فهو صالح وهو مصدر الخير والصلاح.
ومعنى أن تكون صالحًا، أو خيِّرًا في الكتاب المقدس هو أن تكون مشابهًا لله في صفاته الأخلاقية. وهذه هي الحالة الأصليّة التي خلقنا فيها، إذ خلق أبوينا آدم وحواء في صورته كشبهه. وعندما يجعل الله كلّ الأشياء تعمل معًا للخير لأولاده، فهو يستخدم كلّ الأشياء، وكلّ الوسائل لتقديسهم، أي لاسترداد حالتهم الأصليّة، وهي أن يجعلهم مشابهين لصورة ابنه يسوع، ليكون هو بكرًا بين إخوة كثيرين (رومية 27:8).

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2024

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

594 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11578163