Voice of Preaching the Gospel

vopg

كانت غاية الرسول يعقوب من كتابة رسالته، الطلب من أعضاء الكنيسة عيش الإيمان المسيحي بشكل عمليّ،

والمحافظة على علاقات مسيحية حقيقية مع جميع الناس، وليس مع فئة معيّنة دون أخرى. إنّ المشكلة التي يتحدّث عنها الرسول يعقوب في الأصحاح الثاني من رسالته، هي مشكلة محاباة الأغنياء والنافذين ومعاملتهم باحترام كبير، واحتقار الفقراء وعدم التعامل معهم باحترام وتقدير.
يخبرنا الرسول يعقوب، أنّ غنيًّا وفقيرًا دخلا إلى المجمع مكان العبادة، لكن طريقة استقبالهما من قبل البعض اختلفت اختلافًا شاسعًا. يعرض المشكلة بقوله، "فإنه إن دخل إلى مجمعكم رجل بخواتم ذهب في لباس بهيٍّ، ودخل أيضًا فقير بلباسٍ وسخٍ، فنظرتم إلى اللّابس الّلباس البهيّ، وقلتم له: [إجلسْ أنت هنا حسنًا.] وقلتم للفقير: [قف أنت هناك]، أو [اجلس هنا تحت موطئ قدميّ". (يعقوب 2:2-4) ظهرت المحاباة عندما أولى البعض الغني النافذ كلَّ الاهتمام والتكريم، فاقتادوه إلى المقعد الأفضل ليجلس عليه، بينما احتقروا الآخر الفقير وأهانوه، بل طلبوا منه أن يجلس تحت موطئ أقدامهم. يشجب الرسول يعقوب هذا التصرّف المحابي غير المسيحي، ويقول للمحابين في الكنيسة: "يا إخوتي، لا يكن لكم إيمان ربنا يسوع المسيح، ربّ المجد، في المحاباة". (يعقوب 1:2)
يصف النبي أيّوب الله قائلًا، "الذي لا يحابي بوجوه الرؤساء، ولا يعتبر موسَعًا دون فقير. لأنهم جميعهم عمل يديه". (أيوب 19:34). ماذا تعني كلمة محاباة؟ تعني كلمة "حاباه"، مال إليه وخصَّه دون الآخر، من أجل المنفعة وعلى حساب الحق. وبالتالي، "المحاباة"، هي "تخصيص شخص دون آخر، والتمييز بينه وبين آخر، والكيل بمكيالين على أساس اعتبارات خارجية، كالمظهر الخارجي، أو المركز الاجتماعي، أو النفوذ السياسي، أو الجنس، أو اللون، أو غيرها من الاعتبارات الأخرى، وذلك بغية كسب رضاه وطمعًا بالاستفادة منه". يصف الرسول يهوذا في رسالته المُحابين، فيقول عنهم: "وفمهم يتكلّم بعظائم، يحابون بالوجوه من أجل المنفعة". (يهوذا 16)
يخبرنا الرسول يعقوب أنّ الإيمان والمحاباة لا يمكن أن يسيرا جنبًا إلى جنب، لأنّ الإيمان يدعو إلى المحبة، بينما المحاباة تدعو إلى التمييز بين الناس لاعتبارات شخصية. يدعو الإيمان إلى الصدق والاستقامة، بينما المحاباة تدعو إلى الكذب والخداع والتغاضي عن الحقيقة. يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس، "وأما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر، وضمير صالح، وإيمان بلا رياء". (1تيموثاوس 5:1) المحاباة هي إيمان مع رياء، لهذا لا يمكن للمحاباة والإيمان أن يتماشيا معًا. يخاطب يعقوب أعضاء الكنيسة المحابين، قائلًا لهم: "فهل لا ترتابون في أنفسكم، وتصيرون قضاة أفكار شريرة؟" (يعقوب 4:2). أي ألا تخجلون من أنفسكم، عندما تتصرّفون هكذا تصرّف. فكم من الأفكار الشريرة تحمل المحاباة؟
يذكر الرسول يعقوب معلومة عن أولئك الأغنياء الذين يحابيهم البعض عند حضورهم إلى المجمع، أنهم يسيئون معاملة الفقراء ويتسلّطون عليهم، ويرفعون دعاوى في المحاكم ضدّهم، ويجدّفون على اسم المسيح الذين دُعي عليهم. يذكر النصّ، "أليس الأغنياء يتسلّطون عليكم وهم يجرّونكم إلى المحاكم؟ أما هم، يجدّفون على الاسم الحسن الذي دُعِيَ عليكم؟" (يعقوب 6:2-7)
ربما اعتقد البعض من أعضاء الكنيسة، أنّ المحاباة ليست خطية، أو ربما خطية صغيرة، لكنّ يعقوب يؤكّد لهم، أنّ المحاباة هي خطية، وتعدّي على ناموس الله بكلّ معنى الكلمة. قال لهم، "ولكن إن كنتم تحابون، تفعلون خطية، موبَّخين من الناموس كمتعدّين." (يعقوب 9:2). ثم يواجههم بخطيئة كونهم انتقائيين في حفظ ناموس الله ووصاياه، إذ يحفظون الوصايا التي يرغبون بها وتناسبهم، ويهملون الوصايا التي لا تناسبهم. قال لهم: "لأنّ من حفظ كلّ الناموس، وإنما عثر في واحدة، فقد صار مجرمًا في الكلّ. لأنّ الذي قال: [لا تزنِ]، قال أيضًا: [لا تقتل]. فإن لمْ تزْنِ ولكن قتلتَ، فقد صرت متعدّيًا الناموس". (يعقوب 10:2-11). لهذا، لا يمكنهم ولا يمكننا أن نكون انتقائيين في وصايا الله، بل عليهم وعلينا أن نحفظها كلها. يؤكّد يعقوب أنّ مشكلة محاباة الأغنياء واحتقار الفقراء، هي مشكلة أخلاقية بالدرجة الأولى.
يرفض الرسول يعقوب ازدراء الفقراء وذمّهم، وعدم الاهتمام بهم. يقول، "لا يذمّ بعضكم بعضًا أيها الإخوة. الذي يذمّ أخاه ويدين أخاه يذمّ الناموس ويدين الناموس". (يعقوب 11:4) ويخاطب الذين يحابون ويزدرون الفقراء، قائلًا: "اسمعوا يا إخوتي الأحباء: أما اختار الله، فقراء هذا العالم، أغنياء في الإيمان، وورثة الملكوت الذي وعد به الله الذين يحبّونه؟ وأما أنتم فأهنتم الفقير". (يعقوب 5:2-6) يسلّط الرسول يعقوب الضوء على خطية إهانتهم للفقير. ويعتبر أنّ هذا الموقف مرفوضًا بشكل مطلق. ثم يؤكّد لأعضاء الكنيسة، أنّ الغنى الذي يقدّره الله، هو الغنى في الإيمان وليس الغنى في الأموال والممتلكات. فمختارو الله القديسين، هم الفقراء في الروح. والفقير في الروح، هو الذي يقرّ أنّ لا شيء لديه لكي يقدّمه إلى الله، إلّا فقره الروحي حتى يغنيه الله بحضوره، معه وفيه ومن خلاله. فأولئك الأغنياء في الإيمان، هم الذين سيرثون ملكوت الله.

المجموعة: أيلول/سبتمبر 2024

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

106 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11576601