Voice of Preaching the Gospel

vopg

"بِالإِيمَانِ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ لَمْ تَهْلِكْ مَعَ الْعُصَاةِ، إِذْ قَبِلَتِ الْجَاسُوسَيْنِ بِسَلاَمٍ"

(عبرانيين 31:1). "كَذلِكَ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ أَيْضًا، أَمَا تَبَرَّرَتْ بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَبِلَتِ الرُّسُلَ وَأَخْرَجَتْهُمْ فِي طَرِيق آخَرَ؟" (يعقوب 25:2)
كانت راحاب تسكن في أرض كنعان في وقت دخول بني إسرائيل لهذه الأرض التي وعدهم الرب بها (اقرأ قصّتها في يشوع 1:2-22 وفي ما ورد عنها في كتب العهدين القديم والجديد). تُوصف بأنها امرأة "زانية". الكلمة العبرانية في يشوع 2، والتي تُرجمت "زانية"، تعني امرأة تتعامل مع الرجال، ومن هنا رأى البعض أنها كانت تدير خانًا أو فندقًا صغيرًا ملاصقًا لسور مدينة أريحا، حيث نزل الجاسوسان اللذان أرسلهما يشوع لتجسّس الأرض في بيتها أو الفندق الذي تديره.
إلّا أن الكلمة "زانية" المستخدمة في رسالَتَي العبرانيين ويعقوب، تعني أنه كان لراحاب بيتٌ عموميٌّ له شهرته في تلك الناحية. وما يعنينا أكثر من كونها "زانية"، أنها كانت أمميّة، لكننا نجدها بعد ذلك داخل دائرة شعب الله، تتزوّج من سلمون الذي أنجب منها بوعز جدّ داود الملك. بهذا دخلت راحاب ضمن سلسلة نسب يسوع المسيح (متى 5:1). كيف يكون هذا؟ كيف لامرأةٍ أمميّة زانية أن تصل إلى هذه المكانة المباركة؟ وكيف يضعها كاتب الرسالة إلى العبرانيين ضمن أبطال الإيمان وسحابة الشهود؟ هي النعمة وحدها.

إيمان راحاب
وضع الرسول بولس بالروح القدس مبدأ كتابيًّا للإيمان، حيث قال: "إِذًا الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ". (رومية 17:10) اختبرت راحاب هذا المبدأ مبكرًا، فقد أتى إلى بيتها الجاسوسان اللذان أرسلهما يشوع سرًّا ليتجسّسا الأرض وينظرا مدينة أريحا استعدادًا لدخولها. وصل خبر الجاسوسين إلى الملك، فأرسل إلى راحاب يطلب الرجلين، لكنّها كانت قد خبأتهما عن عيون رجال الملك. ثم بعد أن انصرفَ هؤلاء، قالت راحاب للرجلين: "عَلِمْتُ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَعْطَاكُمُ الأَرْضَ، وَأَنَّ رُعْبَكُمْ قَدْ وَقَعَ عَلَيْنَا، وَأَنَّ جَمِيعَ سُكَّانِ الأَرْضِ ذَابُوا مِنْ أَجْلِكُمْ، لأَنَّنَا قَدْ سَمِعْنَا كَيْفَ يَبَّسَ الرَّبُّ مِيَاهَ بَحْرِ سُوفَ قُدَّامَكُمْ عِنْدَ خُرُوجِكُمْ مِنْ مِصْرَ، وَمَا عَمِلْتُمُوهُ بِمَلِكَيِ الأَمُورِيِّينَ اللَّذَيْنِ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ: سِيحُونَ وَعُوجَ، اللَّذَيْنِ حَرَّمْتُمُوهُمَا. سَمِعْنَا فَذَابَتْ قُلُوبُنَا وَلَمْ تَبْقَ بَعْدُ رُوحٌ فِي إِنْسَانٍ بِسَبَبِكُمْ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ اللهُ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَعَلَى الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ". (يشوع 9:2-11) تكشف لنا هذه الكلمات عن إنسانة سمعت عن الرب وعن أعماله، فصدّقت وآمنت به، وأنه سيكمّل عمله مع شعبه. نعم، آمنت راحاب بـ "يهوه"، وقررت أن تكون هي وعائلتها في حماية هذا الإله، وطلبت من الجاسوسين فقالت: "فَالآنَ احْلِفَا لِي بِالرَّبِّ وَأَعْطِيَانِي عَلاَمَةَ أَمَانَةٍ. لأَنِّي قَدْ عَمِلْتُ مَعَكُمَا مَعْرُوفًا. بِأَنْ تَعْمَلاَ أَنْتُمَا أَيْضًا مَعَ بَيْتِ أَبِي مَعْرُوفًا. وَتَسْتَحْيِيَا أَبِي وَأُمِّي وَإِخْوَتِي وَأَخَوَاتِي وَكُلَّ مَا لَهُمْ وَتُخَلِّصَا أَنْفُسَنَا مِنَ الْمَوْتِ". (يشوع 12:2- 13)
نما إيمان راحاب بسرعة، فصدّقت الرجلان حينما طلبا منها أن تربط حبل القرمز في الكوّة التي أنزلتهما منها، ليكون علامة لأجل خلاصها وأهل بيتها عند غزو المدينة. تمّ الأمر هكذا كما اتّفقا معها (قارن يشوع 18:2و21؛ 22:6-23). لقد صدق كاتب العبرانيين عندما قال: "بِالإِيمَانِ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ لَمْ تَهْلِكْ مَعَ الْعُصَاةِ، إِذْ قَبِلَتِ الْجَاسُوسَيْنِ بِسَلاَمٍ".

أعمال راحاب
يرى البعض تناقضًا في ما ذُكِر عن راحاب في العهد الجديد، حيث يؤكد كاتب الرسالة إلى العبرانيين أن راحاب تبرّرت بالإيمان، وهذا ما رأيناه من قبل، لكن الرّسول يعقوب يرى أنها "تَبَرَّرَتْ بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَبِلَتِ الرُّسُلَ وَأَخْرَجَتْهُمْ فِي طَرِيق آخَرَ". (يعقوب 25:2) في الحقيقة لا يوجد هنا تناقض بل تكامل، فإيمانها كان سابقًا لأعمالها. لقد سمعت عن الرب فآمنت به، وبناء على هذا الإيمان كان ثمر أعمالها. عملت راحاب أمرين محدّديْن، إذ "قبلت الرسل"، و"أخرجتهم" في طريق آخر، رحّبت بهم في بيتها، وحتى بعد أن وصل الخبر إلى أذنَيْ ملك أريحا، بل وأرسل لها الملك: «أَخْرِجِي الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَتَيَا إِلَيْكِ وَدَخَلاَ بَيْتَكِ، لأَنَّهُمَا قَدْ أَتَيَا لِيَتَجَسَّسَا الأَرْضَ كُلَّهَا» (يشوع 3:2). وهذا يكشف لنا الخطر الذي كان يحيط بالجاسوسين، والذي كان يهدّد راحاب أيضًا، ومع هذا تحمّلت هذه المخاطرة حتى أخرجتهما بسلام في طريق آخر.
كانت أعمال راحاب نتيجةً وثمرًا لإيمانها، وبها تبرّرت أمام الجاسوسين، بل وأمام كلّ إسرائيل وأمام كلّ التاريخ، كان إيمانها عاملًا بالمحبّة (غلاطية 6:5).

راحاب وحبل القرمز
كان على راحاب – لأجل نجاتها من الهلاك الآتي على أريحا- أن تضع حبلًا من خيوط القرمز في الكوّة التي أنزلت منها الجاسوسين، وكان هذا الحبل بالنسبة لها "علامة أمان" (يشوع 12:2 و18).
حبل القرمز مصنوع من خيوط حمراء مصبوغة بالقرمز (الأحمر القاني)، وهو بهذا اللون الأحمر يذكِّرنا بما حدث مع شعب إسرائيل وهم في أرض مصر وقت الضربة العاشرة، ضربة الأبكار، إذ أمرهم الرب بوضع "الدم" على بيوتهم، فيكون علامةً لنجاتهم من ضربة الملاك المهلك (قارن خروج 13:12 و23). نجت راحاب وأهل بيتها بهذه العلامة، كما نجا شعب الرب قديمًا بعلامة الدم على العتبة العليا والقائمتين. كلّ هذا يمثّل ظلًّا للدم الزكيّ الثمين، دم ابن الله الذي سُفِك على الصليب ليكون علامة مؤكّدة للنجاة لكلِّ من يحتمي به.
هذه هي راحاب الوثنيّة الأمميّة، والتي كانت زانية، لكنّها بنعمة الله أصبحت من المخلَّصين، وتمثِّل علامة مضيئة في الخطّة الإلهيّة لاختيار الأمم.

المجموعة: شباط (فبراير) 2025

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

1128 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11760173