Voice of Preaching the Gospel

vopg

نشرة مع الخدام

«وطلبتُ من بَينِهم رجُلًا يبنِي جِدارًا ويقِفُ في الثغرِ أمامي عن الأرضِ لكيلا أخرِبَها فلم أجِدْ.» (حزقِيال 30:22)

1- الحاجة
ما هي حاجةُ العالمِ اليوم؟ وماذا كانت حاجةُ اللهِ في العهدِ القديمِ وحاجةُ يسوعَ في العهدِ الجديد؟ عندما خلطَ الناسُ في حضارةِ أور القديمة بين عبادةِ الخالِقِ وبينَ عِبادة المخلوق، لم يختَرْ اللهُ شعبًا، بل اختارَ رجُلًا وَدَعَاهُ ليخرُجَ إلى كنعان. وعندما رزحَ شعبُ اللهِ تحتَ نيرِ العُبودِيَّة والوثنيةِ في مِصر، لم يُسخِّر اللهُ عدوًّا يقضِي على غطرسةِ فرعون، بل ذهبَ اللهُ إلى برِّيَّةِ سيناء وفتَّشَ عن رجُل.
وعندما امتلأَ الزمانُ من تفنُّنِ الرومانِ في الشرِّ ومن تحذلُقِ اليونانِ في الفلسفة ومن تعصُّبِ اليهودِ في الناموس، خرجَ يسوعُ الناصِريُّ إلى ضِفافِ بحرِ الجليلِ يطلُبُ، لا جيشًا لمُحاربةِ الرومان، ولا وباء لدينونةِ اليهود، بل خرجَ يطلُبُ رجالًا، وابتدأَ باثنَي عشرَ. حاجةُ اللهِ، لا بل حاجة العالم هي إلى رِجالٍ ونِساء يُكرِّسُونَ حَياتَهُم على مذبَحِ خِدمةِ الإنجيل.

2- الدعوة
«طلبتُ من بينِهم رجُلًا… فلم أجِد.» طلبتُ رجُلًا أُذُنُهُ تُنصِتُ لهمساتِ صوتِ الدعوةِ الخفيفِ الناعِم رُغمَ جَلَبَةِ الريحِ والنار؛ قلبُهُ يُشفِقُ على الخروفِ الضائع؛ أقدامُهُ تَسعَى وراءَ الدرهمِ المفقُود؛ عينهُ تدمَعُ على الابنِ الضال؛ روحُهُ تطمَحُ لمُلاقاةِ الإله؛ عقلُهُ يبحَثُ لاستِبيانِ الحَقِّ من الباطِل؛ إيمانُهُ يُمسِكُ بمواعِيدِ اللهِ ولا يُفلِتُها مهما كانت الظروف؛ كرامَتُهُ تُذعِنُ وترضَى أن تُدَاسَ لتظهرَ كرامةُ ومجدُ يسوعَ بالأحرى، وذاتُهُ تقبلَ أن تتحوَّلَ إلى نَكِرَة ولِسانُ حالِها يقولُ: «ينبَغي أنَّ ذلكَ يزيدُ وأنِّي أنا أنقُص.» طلبتُ من بينِهم رجُلًا: كَيُوسُف الذي في سِجنِهِ يُفسِّرُ الأحلام ويكشِفُ الستارَ لفرعون عن المُستقبَلِ المُرعِب؛ كَمُوسَى الذي في خوفِهِ واختبائهِ يلتقيهِ اللهُ في العُلَّيقة فيذهبُ بزُخمِ هذا اللقاء ويُنقِذُ شعبَ اللهِ من العُبودية؛ كإيليَّا الذي في هربِهِ تقوتُهُ الغِربانُ ويُكلِّفُهُ اللهُ بمسحِ نبيٍّ وملِكَين؛ كَدَانِيال الذي في عمقِ جُبِّ الأُسودِ وعارِ السبي يرفعُ اسمَ إلهِهِ عالِيًا؛ كإشَعياء الذي في خوفِهِ ورهبتِهِ من رُؤيةِ اللهِ وسماعِه يسألُ: من أُرسِل؟ ومن يذهب من أجلِنا؟ يقولُ، حتَّى ولو ماتَ الملِك، يقولُ لملكِ الملوك، «هأنذا أرسِلني.»

3- الإعداد
مدرسةُ الأنبِياء لم يُدشِّنْها أليشَع، بل سبَقَهُ في ذلكَ مُوسَى الذي أحسَن في قولِهِ، «يا ليتَ كُلَّ شعبِ الربِّ أنبِياء،» وكذلكَ صموئيل الذي قَبلَهُ كانت كلمةُ اللهِ عزيزةً والنُّبُوَّةُ نادِرةً، ولكن بسببِ خِدمَتِهِ صارَ رِجالٌ يتنبَّأونَ على مفارِق الطُرُق، فحتَّى شاوُل عُدَّ بينَ الأنبِياء. إنَّ الإعدادَ للخِدمة في كنيسة المسيح هو ضرورةٌ ماسَّة، لأنَّهُ يُلبِّي حاجةَ الله الذي قالَ، «طلبتُ من بينِهم رجُلًا.» إن هدفَ الكنيسة المحلِّيَّة هذه هو أن تُعِدَّ رِجالًا ليعملوا العمل الذي وَضَعَ المُخلِّصُ حجرَهُ الأساسي. أليسَ هذا ما كانَ شُغلَ يسوع الشاغل خلالَ سني خدمتِهِ الثلاث والنصف، أن يُعِدَّ رِجالًا. فإياكَ أن تستَخِفَّ بِما تعلَّمتَ، بل اعمَل بِنَصِيحَةِ بُولُس لتيموثاوُس، «وما سمِعتَهُ منِّي بِشُهُودٍ كَثيرين، أودِعهُ أناسًا أُمَناء، يكونونَ أَكْفَاءَ أن يُعلِّموا آخرينَ أيضًا.»

4- الوَعِي
وَعيٌ لمحدودِيَّتِنا فلا نتصلَّف في تقييمِ ذواتنا، ووعيٌ لمُؤهِّلاتِنا فلا نتخلَّف عن مسؤوليَّاتِنا، ووعيٌ لقوَّةِ اللهِ المُتوفِّرَة التي تسمحُ للضعيفِ أن يقولَ: بَطَلٌ أنا في الربّ. قالَ إبراهيم: «ها أنا ماضٍ عقيمًا ووارِثُ بيتِي هو ألِعازار الدِمَشقِي.» فلم يُبارِكَ اللهُ جميعَ قبائلِ الأرضِ إلا بنسلِ إبراهيم. وقالَ مُوسَى «لستُ أنا صاحِبَ كلامٍ… بل أنا ثقيلُ الفمِ واللِّسان،» فجعلَ اللهُ منهُ كَلِيمَهُ. وقالَ داوُد، «أنا ضعيفٌ وممسوحٌ ملِكًا،» فأبَّدَ الربُّ كُرسِيَّ مُلكِهِ. وقالَ إشعياء: «ويلٌ لي إنِّي هلكتُ لأنِّي إنسانٌ نجِسُ الشفتين وأنا ساكِنٌ بينَ شعبٍ نجِس الشفتَين لأنَّ عينيَّ قد رأتا الملِك ربَّ الجُنود.» ففَتحَ الربُّ عينيه وطهَّرَ شفتَيهِ لِتنطِقَ بأفصحِ الكلِمات وأوضَحِ النُبوَّاتِ عن المسيَّا الآتي. وقالَ إرميا. «لا أعرِف أن أتكلَّمَ لأنِّي ولد.» فوضعَ اللهُ على عاتِقِهِ أقسَى رِسالةٍ نبويَّةٍ أرادَ اللهُ تبلِيغها لشعبِهِ عن سُقوطِ أورشليم. وقالَ بُطرُس: «أخرُجْ من سفينتي يا رب لأنِّي رجُلٌ خاطئ،» فاستودَعَهُ يسوعُ خِرافَهُ. ولكنَّ هؤلاء جميعًا صفَّقوا لبُولُس عندما عبَّرَ عن وعيِهِ لضعفِه وَعَدَمِ استحقاقه، ولكن في الوقتِ ذاتِهِ عبَّرَ عن وعيِهِ لقُوَّةِ الله غير المحدودة فقال، «فبِكُلِّ سُرورٍ أفتَخِرُ بالحَرِيِّ في ضعفاتِي لكي تحُلَّ عليَّ قُوَّةُ المسيح… لأنَّني حينما أنا ضعيفٌ فحينئذٍ أنا قوي.» (2كورنثوس 9:12-10)

5- القُدوَة
رُغمَ التضخُّم الاقتصادي والتُّخمةِ البشريَّة فإنَّنا نعيشُ اليومَ في زمنِ الإفلاس. ومأساةُ الإفلاس هذه هي في أخلاقِ الناسِ وإيمانِهم. فبالكاد يجدُ الناسُ اليومَ قُدوةً حسنةً يقتَفونَ آثارَها نحوَ الطريقِ الذي يُؤدِّي إلى الحياة. ونفتقِرُ نحنُ المُؤمِنُون خاصَّةً إلى قُدوةٍ نتلمَّسُ معالِمَ قِيَمِها في الذينَ سبقونا. ولكن قُدوتَنا هي سحابةٌ من الشهود، «الذين بالإيمانِ: قهروا ممالِك، صنعوا بِرًّا، نالوا مواعِيد، سدُّوا أفواهَ أُسُود، أطفأُوا قُوَّةَ النار، نجَوْا من حدِّ السيف، تقوَّوا من ضعف، صاروا أشدَّاءَ في الحرب، هزموا جُيوشَ غُرَباء، أخذت نِساءٌ أمواتَهُنَّ بِقيامَة. وآخرونَ عُذِّبُوا ولم يقبَلوا النجاة لكي ينالوا قِيامةً أفضَل. وآخرونَ تجرَّبُوا في هُزءٍ وجلدٍ، ثُمَّ في قُيودٍ أيضًا وحَبس. رُجِموا، نُشِروا، جُرِّبُوا، ماتُوا قتلًا بالسيف، طافُوا في جُلودِ غنمٍ وجُلودِ مِعزَى، مُعتازِينَ مكروبِينَ مُذَلِّين. وهُم لم يُكُنِ العالمُ مُستَحِقًّا لهُم. تائهينَ في براري وجِبال ومغايِر وشُقُوقِ الأرض.» (عبرانِيين 33:11-38.) ثُمَّ تذكُرُ رسالةُ العبِرانِيين مُباشرةً بعدَ ذلك، «ناظِرينَ إلى رئيسِ الإيمانِ ومُكمِّلِهِ يسوع.» (عبرانِيين 2:12) إن من يقبَلَ نِيرَ الخدمة وامتيازَ التلمَذَة لِيَسوع، يُلزِمَ نفسَهُ بمسؤوليَّةِ القُدوَة، لهذا قالَ الرسول بُولُس لتيموثاوُس: «كُن قُدوةً للمُؤمِنين في الكلامِ، في التصرُّف، في المحبَّة، في الروح، في الإيمان، في الطَّهارَة.» (1تيموثاوس 12:4) ويقولُ لتيطُس (7:2) «مُقدِّمًا نفسَكَ في كُلِّ شيءٍ قُدوةً للأعمالِ الحَسنَة، ومُقدِّمًا في التعليمِ نقاوةً، ووقارًا، وإخلاصًا.» ينبَغي أن يهدِفَ كُلٌّ مِنَّا أن نتجرَّأَ بالقولِ بحقٍّ، «تمثَّلوا بي كما أنا بالمسيح.» فهل نتجرَّأُ بقولِه؟

6- التَّحَدِّي
في عصرٍ تسودُهُ التخصُّصِيَّةُ المُرهَفَة في شتَّى الميادِين الفِكريَّة والفنِّية، لا يحِقُّ أن تتخلَّفَ الشهادةُ المسيحيَّةُ في عُمقِ تأثيرِها وعُلوِّ أهدافِها واتِّساعِ حقلِ عُلومِها وأعمالِها، ونوعيَّةِ حياةِ رعاياها، ومُستَوى خُدَّامِها، لا يحِقُّ أن تتخلَّفَ عن جدِّيَّةِ التحدِّي الذي يضعهُ المُجتمعُ في وجهِها، غيرَ مُدرِكٍ حاجتهُ لها. فرحلَةُ التكريس لا تنتَهي عندَ التجديد والمعموديَّة والانضمام للكنيسة، بل تبدأُ هُناك، لأنَّ الوِلادَة الجديدة ما هي إلا الخُطوة الأولى في الرحلةِ الطويلة لِتحقيقِ مشيئةِ الله. والكنيسةُ لا تقومُ إلا بتزويدِ المُؤمِن بالعدَّةِ اللازِمة لفهم نُصوصِ كلمةِ الله وتفسيرها وتقديمها كِرازَةً ووعظًا وسُلوكًا. إن التوقُّفَ عن الجِهاد بالصلاة والجوع للانتعاش والتشوُّق للبركة هو بِدايةُ نِهايةِ المُؤمن وانطفاءُ شُعلةِ مذبَحِ تكريسِه. فهل أنتَ على مُستوى التحدِّي؟

7- المأمورِيَّة
لِمَنِ الغدُ؟ أوَلَيسَ للَّذي يعرِفُ الماضِي فيعتَبِرَ منهُ بِحِكمة، ويفهمُ الحاضِرَ فيُغيِّرَهُ بفاعِليَّةٍ، ويُواجِهُ المُستقبَل فيُبحِرَ في عُمقِهِ بجرأةٍ وإقدَام. إنَّ حياةَ التكريس والقداسة ينبَغي أن تكونَ لنا بُوصلةً تقودُ سفينةَ حياتِنا في خِضمِّ بحرِ الحياةِ الهائج، مُؤشِّرةً باستمرار نحوَ الاتِّجاهِ القَويم الذي هو كلمةُ الله، والهدفُ الراسخ الذي هو تتميمُ مأموريَّةُ المسيحِ العُظمَى بالكرازةِ بالإنجيل وبربحِ النفوس وبزرعِ الكنائس. وهو الذي يعِدُ قائلًا: «أبني كنيستي وأبوابُ الجحيمِ لن تقوَى عليها.»

الخاتِمة
يتساءَلُ الربُّ مُستَنكِرًا في الماضِي، في حزقِيال 30:22، «وطلبتُ من بَينِهم رجُلًا يبنِي جِدارًا ويقِفُ في الثغرِ أمامي عن الأرضِ لكيلا أخرِبَها فلم أجِدْ.» ولكنَّهُ اليومَ يُقولُ لكَ، «أنتَ هو الرجُل.» فهذه العِبارَة التي وَجَّهَها ناثانُ لداوُد توبيخًا على الخطيَّة، يُوجِّهُها الربُّ لكَ اليوم حضًّا على التكريس.

المجموعة: 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

315 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10663257