نشرة مع الخدام
أخي في المسيح، نعمة ورحمة وسلام من الله أبينا وربنا يسوع المسيح. أهمس إليك بأعظم حديث وهذا ليس من ابتكاري بل هو اختبار الملايين من أولاد الله في كل الأزمنة الماضية والأوقات الحاضرة...
علّمنا إياه الرب يسوع عمليًّا، إذ كان يقضي الليل كله في الصلاة لله (لوقا 12:6) وتعليميًّا في قوله: "ينبغي أن يُصلّى في كل حين ولا يُملّ." (لوقا 1:18)
حديثي لك هو للخير المشترك. صحيح أننا قد ننظر حولنا فنرى الحالة كلها أنها جفاف وجدوبة، والكنيسة العامة في أشدّ احتياج لانتعاش يغمرها. ربما نبذل مجهودات شاقة في توزيع النبذ، وطبع الإعلانات، ودعوة مشاهير الخدام، والقيام بأساليب الدعاية المختلفة، وهذه كلها قد تكون لازمة للنهضة؛ هي بمثابة لافتة تشير إلى الطريق لكنها ليست الطريق، وقد اختبرنا فشلها...
لا شك أنك تحتاج إلى بركات تغمرك وإلى تعزيات إلهية تلذّذ نفسك، ونِعم فياضة تشملك، هذه كلها في متناول يدك... فما هو إذًا فكر الله؟ وماذا نعمل؟
إن فكر الله هو أن نعرفه ونختبره أكثر ونطلب منه... فالطريق الذي رسمه هو الدخول إلى الأقداس بدم يسوع (عبرانيين 19:10) "فلنتقدّم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونًا في حينه." (عبرانيين 19:4) إن عرش النعمة هو الباب الوحيد الذي يؤدي إلى كل البركات. فالصلاة هي الصلة المباشرة بين الإنسان وخالقه، لذا قال داود: "إليك يا رب أرفع نفسي." (مزمور 1:25) بل هي ترجمان النفس عن حاجتها إلى الله... وهي إصعاد رغائبنا إلى الله فيما يتوافق مع مشيئته باسم المسيح. بل هي ترس النفس وفيها قوة لمقاومة الشيطان، إذ أن الشيطان لا يبالي بنا إن كنا نعظ أو نسمع أبلغ العظات، ولا يهتمّ بترنيماتنا، ولا يكترث بجهودنا فيما ننفقه في سبيل الخير، لكنه يضطرب ويرتجف عندما يشاهدنا مصلين بإيمان. فالركب الساجدة أقوى من الجيوش الزاحفة.
حذارًا يا أخي أن تكون كثرة مشاغلك حائلاً بينك وبين الصلاة... هناك وقت للأكل والشرب والعمل، ووقت لكل شيء... أما الصلاة فلا وقت لها في قاموس حياتك...
ليتك تصغي إلى ما قاله الرسول: "صلوا بلا انقطاع" (1تسالونيكي 17:5) لكي تنسى همومك وتتدحرج أحمالك وتتمّم القول: "لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتُعلم طلباتكم لدى الله." (فيلبي 6:4)
إننا في حاجة لأن نصلي مع موسى قائلين: "إحصاء أيامنا هكذا علّمنا فنؤتى قلب حكمة" (مزمور 12:90)، وندرك أن الوقت من ذهب، والصلاة ثروة عظيمة لا تُقدّر.
إن حاجتنا هي إلى رجال صلاة يكرسون الأوقات في رفع أيادٍ طاهرة، مثلما صلى موسى أثناء حربه مع عماليق.
إن البركات العظمى تأتينا عن طريق الصلاة. وما من نهضة حدثت في أي مكان أو زمان إلا وكانت وليدة الصلاة.
إنني أؤمن أن الانتعاش سيأتي، وذلك عندما نعود إلى الكتاب وتعاليمه ونجاهد مع الله في الصلاة. يا حبذا لو كان اجتماع الصلاة له المقام الأول في اجتماعاتنا!
فيا أيتها البركات والانتعاشات، إنكِ وليدة الصلاة. عرف القديسون في الماضي هذا السر... ويا نفسي انسكبي وجاهدي مع الله، واصرخي لأننا في أمسّ الحاجة إلى نهضة روحية تهزّ مشاعرنا وتأتي بالنفوس التي مات المسيح لأجلها للخلاص... ادفعي الثمن ورممي المذبح المنهدم، وخذي كتابك المقدس وقولي: هلمّ نسجد ونركع أمام الله... انسكبي باتضاع حتى يفحصك القدير بنور الحق الصحيح.
القس عزت نجيب
ابعد إلى العمق
كان هذا أمر الرب يسوع لسمعان بطرس (لوقا 4:5). ونحن نتساءل: إلى أي مدى من العمق؟ ليس هناك تحديد لأن هذا يتوقّف على مدى ابتعادنا عن الشاطئ، ومقدار احتياجنا، وحدود إمكانياتنا، والسمك ليس في المياه الضحلة، لكنه في العمق.
هكذا الحال معنا، فاحتياجاتنا لا نجدها إلاّ في أمور الله العميقة. علينا أن ندخل إلى عمق كلمة الله، التي يستطيع أن يوضحها لنا الروح القدس أكثر كثيرًا مما يمكن أن نصل إليها بعقولنا المحدودة.
هيا إلى عمق الفداء، إلى أن يصوّر لنا الروح القدس قوة وفاعلية الدم الثمين، فيصبح الطعام الشهي، والبلسم الشافي لأرواحنا وأجسادنا.
هيا إلى عمق مشيئة الآب، إلى أن ندركها في صلاحها اللانهائي، ودقتها غير المحدودة، وعنايتها الفائقة بنا.
هيا إلى عمق الروح القدس، إلى أن يصبح شمسنا المشرقة، التي تبدد كل الغيوم، ونهر حياتنا الذي يطهر أدناسنا، وهواءنا النقي الذي فيه تتبخّر كل أحزاننا، والمسدّد لكل إعوازنا، والصانع الدقيق الذي يشكل حياتنا ويكيّف ظروفنا.
هيا إلى عمق مقاصد الله، إلى أن يصبح مجيء الرب ثانية رجاءنا وعزاءنا، وأمجاد الخلود موضوع فرحنا وانتظارنا، إلى أن تُبهر العيون من شدة الضياء، ويخفق القلب طربًا لرؤية يسوع.
"ابعد إلى العمق". هذا هو أمر الرب لنا، الرب الذي أوجدنا وأوجد العمق أيضًا، الرب الذي وضع فينا الشوق إلى العمق وكذلك إمكانية الوصول إليه.